وعن أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه - قال: أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله؛ فإنه كنز من كنوز الجنة (¬1).
وعن زيد بن ثابت - رضي الله عنه -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: "أَلا أَدُلُّكُمْ عَلى كَنْزٍ مِنْ كُنُوْزِ الْجَنَّةِ؟ تُكْثِرُوْنَ مِنْ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا باللهِ" (¬2).
وإنما أمر بالإكثار من هذه الكلمة ليتمكن معناها في القلب، وهو البراءة من حول العبد وقوته، وهو سر الكلمة، فلا بِرَّ للعبد وهو يرى لنفسه حولاً أو قوة أو عملًا، بل من شأن البَرِّ الإزراء على نفسه والاتهام لها، فلا يرى نفسه أهلاً أن يكون من الأبرار، ألا ترى إلى قول أولي الألباب: {وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ} [آل عمران: 193] لما في المعية من الإشعار بالمباينة.
بل وصف الله تعالى السابقين من الأبرار بذلك في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} [المؤمنون: 57 - 61].
روى الإِمام أحمد، والترمذي، وابن ماجه، وابن أبي الدنيا في كتاب "الخائفين"، والحاكم وصححه، والبيهقي، والمفسرون عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله! قول الله: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا
¬__________
(¬1) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (35262).
(¬2) رواه ابن أبي شيبة في "المصنف" (35263).