كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 3)

والثاني: أن يكتفي بهذه الشهرة، ويترك الاجتهاد في الطاعة، و (¬1) يسترسل في المعاصي؛ فيهلك.
والثالث: أن تحمله هذه التسمية والشهرة على تكليف الناس إكرامه وتعظيمه، والقيام بخدمته حتى كأنه يرى ذلك حقاً عليهم لازماً، فإن قصروا فيه مقتهم، وسبَّهم وطعن عليهم؛ وهذا هلاك أيضاً.
والرابع: أن يعجب بصلاحه، ويحتج على دعواه وعجبه به لهذه الشهرة، ويحتقر من هو دونه.
والخامس: أن يفتن بهذه الشهرة، فيقف عند حاله، ولا يفتش عن عيوب نفسه، ويغفل عن تهذيبها حتى يخرج عن سمت الصالحين.
ومن ثم كان بعض السلف إذا أثنى عليه الناس يقول: اللهم اجعلني خيراً مما يظنون، ولا تفتني بما يقولون، ولا تؤاخذني بما لا يعلمون (¬2).
وأجاد أبو العتاهية في قوله: [من الوافر]
يَظُنُّ النَّاسُ بِي خَيْراً وإنِّي ... لَشَرُّ النَّاسِ إِنْ لَمْ تَعْفُ عَنِّي (¬3)
¬__________
(¬1) في " أ": "أو"، والمثبت من "ت".
(¬2) رواه البخاري في "الأدب المفرد" (761)، وابن أبي شيبة في "المصنف" (35703) عن عدي بن أرطأة، ولفظ البخاري: "كان الرجل من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا زكي قال: اللهم لا تؤاخذني بما يقولون واغفر لي ما لا يعلمون".
(¬3) انظر: "الأغاني" للأصبهاني (4/ 115).

الصفحة 49