وكأن في كلامه حذفًا تقديره: وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة؛ أولئك هم الأتقياء البررة.
* تنبِيْهٌ نَفِيْسٌ:
اعلم أنَّ العبد كما كانت نفسه متمنعة عن طاعة الله تعالى وبره لتعلقها بالدنيا واسترسالها مع الهوى، كان تشبهه بالكُمَّل الأبرار والصالحين الأخيار أعظمَ أجرًا عند الله تعالى وثوابا؛ لأنه أكثر جهادًا لنفسه، وأقوى دفاعا لها عن الهوى.
ويدلُّ لذلك: حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "الَّذِيْ يَقْرَأُ القُرْآنَ وَهُوَ مَاهِرٌ بِهِ مَعَ السَّفَرَةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ، وَالذِيْ يَقْرَؤُهُ وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ لَهُ أَجْرَانِ". رواه الأئمة الستة (¬1).
وروى أبو نعيم عن عبد الله بن المبارك: أن سفيان الثوري رحمه الله كان يقول: الأجر على قدر الصبر (¬2) (¬3).
¬__________
(¬1) رواه البخاري (4653)، ومسلم (798)، وأبو داود (1454)، والترمذي (2904)، والنسائي في "السنن الكبرى" (8047)، وابن ماجه (3779).
(¬2) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (7/ 54).
(¬3) وقال ابن عبد السلام: هذا ليس بمطرد، فقد تكون بعض العبادة أخف من بعض، وهي أكثر فضلاً بالنسبة إلى الزمان. كقيام ليلة القدر بالنسبة لقيام ليالي من رمضان غيرها، وبالنسبة للمكان كصلاة ركعتين في المسجد الحرام بالنسبة لصلاة ركعات في غيره، وبالنسبة إلى شرف العبادة المالية والبدنية كصلاة الفريضة بالنسبة إلى أكثر من عدد ركعاتها أو من قراءتها، ونحو ذلك =