"كل مؤمن صِدِّيْقٌ، وشهيد"، ثم قرأ كل منهم الآية (¬1).
وروى ابن أبي حاتم عن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أنه قال يومًا وهم عنده: كلكم صِدّيْقٌ، وشهيد، قيل له: ما تقول يا أبا هريرة؟ قال: اقرؤوا: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ (19)} [الحديد: 19] (¬2).
فإن قلت: هل من دليل على هذا الاحتمال؟ وهل في لفظ حديث البراء ما يفهم منه ذلك؟
قلت: نعم، يفهم من قوله: "مُؤْمِنُو أُمَّتِيْ"، ولم يقل: "المؤمنون".
ثم رأينا أن الله تعالى قسم المؤمنين إلى صِدِّيْقِين، وشهداء، وصالحين، وأظهر في آيات خصوصيات الشهداء على عامة المؤمنين، فحملنا قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "شهداء" في قوله: "مُؤْمِنُوْ أُمَّتِي شُهَدَاءُ" على شهداء غير هذه الأمة على وجه التشبيه؛ أي: مثل شهداء سائر الأمم.
ونظير ذلك: ما رواه الطبراني في "الأوسط" عن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا رَاحَ مِنَّا سَبْعُوْنَ رجُلاً إلى الْجُمُعَةِ كَانُوْا كَالسَّبْعِيْنَ (¬3) الذِيْنَ وَفَدُوْا عَلى رَبّهِمْ، أَوْ أَفْضَلَ" (¬4).
¬__________
(¬1) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (8/ 61).
(¬2) انظر: "الدر المنثور" للسيوطي (8/ 60).
(¬3) في "المعجم الأوسط" للطبراني (5802): "كسبعين موسى".
(¬4) رواه الطبراني في "المعجم الأوسط" (5802). قال الهيثمي في "مجمع=