كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 3)

وروى ابن عبد البر عن الحسن رحمه الله تعالى قال: لأن أتعلم باباً من العلم وأعلمه، أحب إلي من أن يكون لي الدنيا كلها [أجعلها] (¬1) في سبيل الله تعالى (¬2).
وروى الإمام أحمد في "الزهد" عنه قال: إن العبد لا يزال بخير ما ابتغى من الله تعالى علماً.
قلت: وفي كتاب الله تعالى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} [طه: 114] , وفي ذلك إشارة إلى أن التشبه بالعلماء مطلوب من كل جاهل وعالم؛ إذ لا عالم إلا ووراء ما يعلم ما لا يعلم، كما قال تعالى: {وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ} [يوسف: 76]، فالتشبه بالعلماء وظيفة العمر.
ومن ظن أنه بلغ النهاية فيه فقد جهل، كما روى الدينوري في "المجالسة" عن نعيم بن حماد قال: قال ابن المبارك رحمه الله تعالى: لا يزال المرء عالماً ما طلب العلم، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل (¬3).
وفي ذلك - أيضا - إشارة إلى أن التشبه بالعلماء لا يكون إلا بإلهام من الله تعالى وتوفيق، وأن الزيادة من العلم لا تكون إلا منه.
¬__________
= قلت: لعل المراد من قوله: حسن جداً: حسن المعنى؛ بدليل قوله: ليس له إسناد قوي. قال المنذري في "الترغيب والترهيب" (1/ 52): ورفعه غريب جداً. ورواه الديلمي في "مسند الفردوس" (2237) مختصراً.
(¬1) زيادة من "الفقيه والمتفقه".
(¬2) ورواه الخطيب البغدادي في "الفقيه والمتفقه" (1/ 102).
(¬3) رواه الدينوري في "المجالسة وجواهر العلم" (ص: 56).

الصفحة 588