كتاب حسن التنبه لما ورد في التشبه (اسم الجزء: 3)

فلما سكتت بقيتهم عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر {وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَا أُتْرِفُوا فِيهِ وَكَانُوا مُجْرِمِينَ} [هود: 116]، فلذلك حق عليهم العذاب.
ثم قال: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود: 117].
فإن قلتَ: كيف يجتمع الإصلاح مع الظلم؟
قلتُ: يكون الظلم من عامتهم والإصلاح من خاصتهم، وإنما قال: {وَأَهْلُهَا} [هود: 117]؛ أي: معظمهم، أو خاصتهم.
كان الاعتبار بأهل الصلاح والإصلاح -وإن كانوا بعضاً منهم- فإنهم يقومون مقام الكل، ولذلك أطلق عليهم قوله: {وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود: 117]؛ كأنهم هم أهلها دون من سواهم، فإذا ترك خاصتهم الإصلاح عَمَّ الفساد، فكان الهلاك.
وروى ابن أبي حاتم، والخرائطي عن جرير رضي الله تعالى عنه - موقوفاً عليه - والطبراني عنه - مرفوعاً - قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُسأل عن تفسير هذه الآية: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ} [هود: 117]، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "وَأَهْلُها يُنْصِفُ بَعْضُهُمْ بَعْضَا" (¬1).
¬__________
(¬1) رواه الخرائطي في "مساوئ الأخلاق" (2/ 152)، والطبراني في "المعجم الكبير" (2281) موقوفاً.=

الصفحة 75