4 - وذهبتِ البغداديةُ المالكية (¬1) إلى أن القصرَ والإتمامَ فَرضان، فأيَّهما فَعل، فقد فَعَلَ الواجبَ؛ كالواجبِ المُخَيَّر (¬2).
ونقله بعضُ المصنفين (¬3) عن بعضِ الشافعيةِ، وهذا القولُ غيرُ معروفٍ عندهم، وإن كان القولُ به غير ممتنع.
* وعلق اللهُ سبحانه القصرَ على الضربِ في الأرض، وذلك مطلقٌ غيرُ مقيدٍ.
1 - فأخذَ بإطلاقه آخرون، وهم أهلُ الظاهر، فجوزوا القصرَ، في كلَّ سفرٍ، طويلاً أو قصيراً (¬4).
2 - وقيده الجمهورُ من أهل العلمِ بالمعنى الذي أُبيحَ له القصرُ، وهو المشقةُ الزائدَةُ على مشقةِ الحَضَر.
ثم اختلفوا.
- فذهبَ ابنُ مسعودٍ، وعثمانُ، وغيرُهما -رضي الله تعالى عنهم - إلى أن المسافةَ المُبيحةَ للقَصْر هي ثلاثةُ أيام (¬5)، وبه قال أبو حنيفةَ وأصحابهُ (¬6).
¬__________
(¬1) وهم: إسماعيل بن إسحاق وأصحابه؛ كابن بكير وأبي الحسن بن المنتاب وأبي العباس الطيالسي وأبي الطيب محمد بن محمد وأبي الفرج عمرو بن محمد والأبهري، وهو مصطلح يكثر من إيراده ابن عبد البر في كتبه. انظر: "الاستذكار" (1/ 249)، و"جامع بيان العلم وفضله" كلاهما لابن عبد البر (2/ 73).
(¬2) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (2/ 225)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (1/ 617)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (1/ 120).
(¬3) يعني به ابن عبد البر في "الاستذكار" (2/ 225)، والله أعلم.
(¬4) انظر: "المحلى" لابن حزم (5/ 93)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (2/ 238).
(¬5) انظر: "المجموع" للنووي (4/ 276)، و"المغني" لابن قدامة (2/ 47).
(¬6) انظر: "المبسوط" للسرخسي (1/ 235)، و"العناية شرح الهداية" للبابرتي (2/ 356)، و"البحر الرائق" لابن نجيم (2/ 140).