والجمهورُ على أنه منسوخ بصلاةِ الخوف؛ لأن صلاةَ الخوفِ أولَ ما شُرِعَتْ بذاتِ الرِّقاعِ، وهي أولُ سنةِ خَمْسِ قبل خَيْبرَ، وأَنَّ خَيْبَرَ في سنةِ سَبْعٍ، هكذا ذكره النوويُّ في "الروضة" (¬1).
وذكر البخاريُّ في "صحيحه": أن ذاتَ الرقاعِ بعدَ خَيْبَر (¬2).
واستدلَّ بأنَّ أبا موسى شهدَ ذاتَ الرقاعِ، ومجيئُهُ كانَ بعدَ خيبرَ، وأما يومُ الخَنْدَقِ، فكان في سنةِ أربعٍ في شَوَّال، ذكرهُ البُخاريُّ (¬3) وغيره، وهو الصحيحُ (¬4).
وقيل: في سنة خَمْسٍ؛ كما قالهُ ابنُ إسحاقَ (¬5).
وأما أول ما شُرعتْ صلاةُ الخوفِ، فإن ذلك كان بِعُسْفانَ، لا بِذاتَ الرِّقاعِ، كما سيأتي في روايةِ أبي عياشٍ الزُّرقِيِّ -رضي الله تعالى عنه-.
* وقد صلاَّها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بصفاتٍ مختلفةٍ بحسبِ اختلافِ المَواطنِ والأحوالِ، يبلغُ مجَموعها ستةَ عَشَرَ وَجْهاً، وسنبين مُعْظَمَها بذكرِ أربع صفات:
الصفة الأولى: صلاةُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بعُسْفانَ.
قال أبو عياشٍ الزرقيُّ -رضي الله تعالى عنه- كنا معَ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بعسفانَ، وعلى المشركين خالدُ بنُ الوليد، فصلينا الظهرَ، فقال
¬__________
(¬1) انظر: "روضة الطالبين" للنووي (10/ 207).
(¬2) انظر: "صحيح البخاري" (4/ 1512).
(¬3) انظر: "صحيح البخاري" (4/ 1512).
(¬4) وهو الذي رجحه ابن القيم وابن كثير وابن حجر. انظر: "زاد المعاد" لابن القيم (3/ 252)، و"السيرة النبوية" لابن كثير (ص: 142)، و"فتح الباري" لابن حجر (7/ 417).
(¬5) انظر: "السيرة النبوية" لابن هشام (4/ 170).