كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 3)

وهذا أحسنُ ما سمعت في صلاةِ الخوف (¬1).
إلا أن مالكاً رواهُ في "الموطأ" موقوفاً على سَهْلِ بن أبي حثمة، وفيه أنه لما قضى الركعة بالطائفةِ الثانية سَلَّم، ولم ينتظرهم (¬2) حتى يفرغوا من الصلاة (¬3).
واختار هو وأبو ثورٍ هذه الصفة؛ لموافقتها الأصولَ؛ لأن الإمامَ متبوعٌ لا تابع ولا مختلَف عليه (¬4).
واختار الشافعيُّ العمل بالرواية المسندة، وهي أن ينتظرَهم ويسلمَ بهم؛ لأنه أقوى؛ لاتصاله، واختاره أحمدُ مع إجازتهِ لجميعِ صلاةِ الخوف (¬5).
ولمالكٍ قول كمذهبِ الشافعيِّ (¬6).
ثم ذهب قوم إلى أن هذا اختلاف من جهةِ المُباح، فيجوزُ للإمام أن يصليَ بهم بأيِّ روايةٍ وردتْ في السنة.
قال الإمامُ أحمدُ: كلُّ حديثٍ رُوي في أبوابِ صلاةِ الخوفِ فالعملُ به جائز (¬7).
¬__________
(¬1) انظر: "الموطأ" للإمام مالك (1/ 185).
(¬2) في "أ": "ينتظر".
(¬3) رواه الإمام مالك في "الموطأ" (1/ 183)، عن سهل بن أبي حثمة. كما رواه البخاري (3902)، كتاب: المغازي، باب: غزوة ذات الرقاع.
(¬4) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (2/ 402)، و"شرح مسلم" للنووي (6/ 125).
(¬5) انظر "شرح مسلم" للنووي (6/ 125)، و"المغني" لابن قدامة (2/ 137).
(¬6) انظر: "الكافي" لابن عبد البر (ص: 73).
(¬7) انظر: "السنن الكبرى" للبيهقي (3/ 264)، وانظر: "المغني" لابن قدامة (2/ 137).

الصفحة 24