وقال فريقٌ: هي فرضٌ على الأعيان، وبه قال داودُ وأحمدُ (¬1)، وبعض الشافعية (¬2).
* ثم اختلفوا في صِفَةِ هذا الوُجوب.
فقال داود: هي شرطٌ في صِحَّةِ الصلاةِ؛ كالجماعَةِ في الجُمعةِ، وقيل: إنها روايةٌ عن أحمدَ أيضاً، والمشهورُ خلافُه (¬3).
* * *
98 - (40) قولُه عَزَّ وجَلَّ: {فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103].
* المرادُ بقضاء الصلاةِ في هذهِ الآيةِ الأداءُ، أي: أَدَّيْتُمُ الصَّلاةَ، لا حقيقةُ القضاء الذي هو استدراكٌ، لِما فاتَ، وذلك مُقْتَصٌّ من قوله تعالى: {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ} [البقرة: 200]، وقوله تعالى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ} [الجمعة: 10].
* وأما الذكرُ المأمورُ به في الأحوالِ المذكورةِ.
فيحتمل أن يكون المرادُ به الحَثَّ على مُطْلَقِ الذكرِ لله تعالى، ولا شكَّ في أنهُ مُسْتَحَبٌّ عقيبَ قضاءِ الصلاةِ (¬4).
¬__________
(¬1) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (2/ 137)، و"المحرر في الفقه" لابن أبي القاسم (1/ 91)، و"الشرح الكبير" لابن قدامة (2/ 2).
(¬2) كابن المنذر وابن خزيمة. انظر: "الإشراف على مذاهب العلماء" لابن المنذر (2/ 126)، و"روضة الطالبين" للنووي (1/ 339).
(¬3) انظر: "المحلى" لابن حزم (4/ 188)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (2/ 137).
(¬4) وهو قول ابن عباس رضي الله عنه والجمهور. انظر: "تفسير الطبري" (5/ 259)، و"أحكام القرآن" للجصاص (3/ 247)، و"أحكام القرآن" لابن=