كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 3)

* إذا علمتَ هذا، فقد اختلفوا في صفاتِ بعضِ الأصنافِ، وهم الفقراءُ والمساكينُ والرقابُ وابنُ السبيلِ، واتَّفقوا في بعضٍ.
فأما الفقراءُ والمساكينُ: فقالَ الشافعيُّ: الفقراءُ: الزَّمْنَى الضعفاءُ الذينَ لا حِرْفَةَ لهم، وأهلُ الحِرَفِ الضعيفةِ الذين لا تقعُ حرفتُهم من حاجتِهم موقعًا. والمساكينُ: الذين لهمْ حرفةٌ تقع (¬1) موقعًا من كِفايَتِهم (¬2)، فهمْ أحسنُ حالًا من الفُقَراء.
وهذا قولُ قتَادَةَ وبعضِ أَهْلِ اللغةِ (¬3)، فكأَنَّ الحاجَةَ كَسَرَتْ فَقاره.
واحتجَّ له بأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يَتَعَوَّذُ من الفَقْرِ (¬4)، ويسألُ الله المَسْكَنَةَ (¬5)، وبقولهِ تعالى: {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ} [الكهف: 79] ,
¬__________
(¬1) في "ب": "وتقع".
(¬2) انظر: "الأم" للشافعي (2/ 83)، و "أحكام القرآن" للإمام الشافعي (1/ 161 - 162)، و"معرفة السنن والآثار" للبيهقي (5/ 188 - 189)، و "الحاوي الكبير" للماوردي (8/ 487).
(¬3) انظر: "لسان العرب" لابن منظور (5/ 60)، و "بدائع الصنائع" للكاساني (2/ 43)، و "أحكام القرآن" للجصاص (4/ 323).
(¬4) روى أبو وداود (1544)، كتاب: الصلاة، باب: في الاستعاذة، والنسائي (5460)، كتاب: الاستعاذة، باب: الاستعاذة من الذلة، والإمام أحمد في "المسند" (2/ 305)، وغيرهم عن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقول: "اللهم إني أعوذ بك من الفقر، والقلة، والذلة، وأعوذ بك من أن أظلم أو أُظلم".
(¬5) روى ابن ماجه (4126)، كتاب: الزهد، باب: مجالسة الفقراء، وعبد بن حميد في "المنتخب من المسند" (1002)، والطبراني في "الدعاء" (1425)، والحاكم في "المستدرك" (1179)، عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اللهم أحيني مسكينًا، وتوفني مسكينًا، واحشرني في زمرة المساكين". وفي الباب: عن عبادة بن الصامت، وأنس بن مالك.

الصفحة 353