كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 3)

ومنهُمْ مَنِ اعتبرَ كفايةَ السَّنَةِ؛ استِدْلالًا بادِّخارِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - قوتَ سَنَةٍ، مع قوله تعالى: {وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَى} [الضحى: 8].
* وأَمَّا الرِّقابُ:
فيحتملُ بأن يكونَ المرادُ أن يُشترى رِقابٌ وتُعْتَقَ، ويكونَ ولاؤها للمسلمين.
وبهذا أخذَ مالكٌ وأحمدُ، ويروى عن ابن عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما (¬1) -.
ويحتملُ أن يكونَ المرادُ عامَّةَ المُكاتبَين فيما يُؤَدُّونَ في كتابَتِهم، فيعتقونَ.
وبهذا أخذ الشافعيُّ، وأبو حنيفةَ (¬2)، والليثُ، ويُروى عن ابنِ عباسٍ، وعليٍّ، وابن جبير -رضي الله تعالى عنهم (¬3) -.
وقال الزُّهْرِيُّ: يُقْسَمُ ذلك نِصفين، نصفٌ يُدْفعِ إلى المكاتبَين، ونصفٌ يُشْتَرى به عبيدٌ مِمن صَلَّى وصامَ وقَدُمُ إسلامُهم، فيُعتقونَ (¬4).
¬__________
(¬1) انظر: "جامع الأمهات" لابن الحاجب (ص 165) , و "بدية المجتهد" لابن رشد (1/ 202)، و "الاستذكار" لابن عبد البر (3/ 212)، و"المغني" لابن قدامة (6/ 330)، و "شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (1/ 456)، و "كشاف القناع" للبهوتي (2/ 280).
(¬2) انظر: "الأم" للشافعي (2/ 69)، و "الحاوي الكبير" للماوردي (8/ 502)، و "المجموع" للنووي (6/ 188)، و "الهداية" للمرغيناني (1/ 112)، و "بدائع الصنائع" للكاساني (2/ 45)، و "شرح فتح القدير" لابن الهُمام (2/ 263).
(¬3) انظر: "معالم التَّنزيل" للبغوي (2/ 304)، و "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (8/ 182).
(¬4) أخرجه ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كما في "الدر المنثور" للسيوطي (4/ 224).

الصفحة 356