كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 3)

ومنعه مالكٌ وأبو حنيفة (¬1).
* وعمومُ الآيةِ وإطلاقُها يقتضي جوازَ نقلِ الزكاةِ عن بلدِ المالِ.
وبه قال أبو حنيفةَ ومالكٌ؛ لأن المقصودَ من الصدقات سَدُّ خَلَّةِ الفقيرِ (¬2)، ولما روى الدارقطنيُّ أن مُعاذًا -رضي الله تعالى عنه- قال لأهل اليمن: ائتوني بعرض ثياب آخذه منكم مَكانَ الذُّرةِ والشَّعير في الصَّدَقَةِ؛ فإنه أيسرُ عليكُمْ، وأنفعُ للمهاجرينَ بِالمدينة (¬3).
ومنعَ الشافعيُّ وأكثرُ أصحابِ مالكٍ نَقْلَها (¬4)؛ استدلالًا بقوله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذٍ -رضي الله تعالى عنه- حين بعثَه إلى اليمنِ: "وأعلِمْهم أن عليهم صَدَقَةً تُؤْخَذُ من أَغْنيائِهم، وتُرَدُّ في فُقرائِهم" (¬5)، ولا دلالةَ فيه؛ لأن فُقراءَ المسلمين بكلِّ مكان فقراؤهم؛ لكونِهم منهم، وإنما الدَّلاَلَةُ لو قال: وتُرَدُّ في فُقراءِ بلدِهم.
* وبينَ النبيُّ أَنَّ آلَهُ -رضي الله تعالى عنهم- لم يرُادوا؛ لعموم
¬__________
(¬1) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البرّ (3/ 213)، و "بداية المجتهد" لابن رشد (1/ 202)، و "الهداية" للمرغيناني (1/ 112)، و"بدائع الصنائع" للكاساني (2/ 46)، و "أحكام القرآن" للجصاص (4/ 330).
(¬2) انظر: "الهداية" للمرغيناني (1/ 115)، و "شرح فتح القدير" لابن الهُمام (2/ 279 - 280)، و "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (8/ 175).
(¬3) رواه الدارقطني في "السنن" (2/ 100)، وعلقه البخاري في "صحيحه" (2/ 525)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (4/ 113).
(¬4) انظر: "الأم" للشافعي (2/ 78 - 79)، و "الحاوي الكبير" للماوردي (8/ 481)، و "مغني المحتاج" للشربيني (3/ 118)، و "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (8/ 175).
(¬5) تقدم تخريجه.

الصفحة 358