الخطاب، فقال: "إنَّ الصدقَةَ لا تَحِلُّ لمحمدٍ، ولا لآلِ محمدٍ" (¬1).
ثم اختلف الفقهاءُ هل هذا العمومُ الذي خُصَّ به عُمومُ الكتاب مخصوصٌ، أو لا؟ فذهب مالكٌ إلى تَخْصيصهِ بغيرِ العاملِ، فَجَوَّزَ للعامِلِ أن يأخذَ من الصدقةِ أجرَ عملِه (¬2).
وأَبى أبو حنيفةَ والشافعيُّ تخصيصَهُ؛ لوجودِ العِلَّةِ، وهي قَرابَتُهُ - صلى الله عليه وسلم - (¬3).
* فإن قلت: فقد ذكرَ اللهُ سبحانَهُ مَصارِفَ الصَّدَقاتِ (¬4)، ولم يذكرْ تفصيلَها, ولا محلّ وُجُوبها، فهل ذكرَ ذلك في موضعٍ آخرَ من كتابِه جملةً أو تفصيلًا؟
قلتُ: نعم، ذكرها الله تعالى جملة، ووَكَلَ تفصيلَها وبيانَ مقاديرِها وأَنْصِباءَها إلى نبيه - صلى الله عليه وسلم -.
أما صدقةُ النباتِ والثمارِ، فقد تقدَّم ذكرُها في "سورة الأنعام" عند قوله تعالى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141].
وأما صدقة الذهبِ والفضةِ، فقد تقدَّم ذكرُها في هذه السورة.
وأما صدقةُ الماشيةِ، فذكرها الله سبحانه في آخر هذه السورة، وسيأتي الكلامُ عليها عندَ قوله تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103] ومعلوم أن جلَّ أموالهِم الماشية.
¬__________
(¬1) تقدم تخريجه.
(¬2) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (8/ 178).
(¬3) انظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (2/ 44)، و"شرح فتح القدير" لابن الهُمام (2/ 273)، و "الحاوي الكبير" للماوردي (8/ 432) -433)، و "المجموع" للنووي (6/ 150).
(¬4) في "ب": "الزكاة".