كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 3)

عليهِ أيضًا تَبْيينُ اللهِ تعالى لنبيِّهِ - صلى الله عليه وسلم - وَجْهَ العِلَّةِ في استغفارِ إبراهيمَ - صلى الله عليه وسلم -، وأنه كانَ لِعِلَّةٍ، وقد زالَ استغفارُهُ عندَ عَدَمِها.
* * *

175 - (21) قوله عَزَّ وجَلَّ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 84].
* نهى الله سبحانه نبيَّه - صلى الله عليه وسلم - عن الصلاةِ على المُنافقين، والقِيامِ على قُبورهم.
* وقد أجمعَ المسلمونَ على مَنْعِ الصَّلاةِ على المُنافقينَ في زَمَنِه - صلى الله عليه وسلم - (¬1)، وذلك إمَّا لأنَّ الله -عَزَّ وَجَلَّ - عَرَّفَهُم نَبِيَّهُ - صلى الله عليه وسلم - في لَحْنِ القَوْلِ، أو أَعلمَه أنهم ماتوا فاسِقين.
* ثم كرهَ مالِكٌ لأهلِ الفضلِ الصَّلاةَ على أهلِ البِدَعِ؛ زَجْرًا لهم.
* ومَنَع الإمامَ أَنْ يُصَلِّيَ على مَنْ قَتَلَهُ حَدًّا؛ لأنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يُصَلِّ على ماعِزٍ، ولم يَنْهَ عنِ الصَّلاةِ عليهِ (¬2)، خَرَّجَهُ أبو داودَ (¬3).
* ومنعَ قومٌ من الصَّلاةِ على قاتِلِ نفسِه (¬4)؛ لما روى جابرُ بنُ سَمُرَةَ: أن
¬__________
(¬1) انظر: "بداية المجتهد" لابن رشد (1/ 174).
(¬2) انظر: "بداية المجتهد" لابن رشد (1/ 174)، و"جامع الأمهات" لابن الحاجب (ص 141)، و "القوانين الفقهية" لابن جُزَيّ (ص 65).
(¬3) رواه أبو داود (3186)، كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على من قتلته الحدود، عن أبي برزة الأسلمي.
(¬4) هو مذهب الحنابلة، فلا يصلي عليه الإِمام، ويصلي عليه سائر الناس، انظر: "المغني" لابن قدامة (2/ 218)، و"كشاف القناع" للبهوتي (2/ 123)، وأجاز ذلك الجمهور، انظر: "مغني المحتاج" للشربيني (1/ 361)، و "ردّ المحتار" لابن عابدين (2/ 211)، و "الاستذكار" لابن عبد البرّ (3/ 52 - 53).

الصفحة 365