وقال أبو حنيفة: لا يُصَلِّي على القبرِ إلَّا الوَليُّ أَوِ الوالي إذا فاتَتْهُ الصَّلاةُ (¬1).
وقال مالكٌ: لا يُصَلَّى على القبرِ بحالٍ، واحتجَّ بتركِ أهلِ المدينةِ ذلك (¬2).
قال ابنُ القاسم: قلتُ لمالكٍ: فالحديثُ الذي جاءَ عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أَنَّه صَلَّى على قبرِ امرأةٍ (¬3)؟ قالَ: قد جاءَ هذا الحديثُ، ولكنْ ليسَ عليهِ العملُ.
* إذا عرفتَ هذا، عرفتَ أنَّ المرادَ بالصلاةِ هو موضوعُها اللُّغَوِيُّ الذي هو الدُّعاءُ، لا معناها الشرعيُّ الذي هو الرُّكوعُ والسجودُ، وقد بيَّنَها النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - كذلك، وقد جُعِلَ التكبيرُ بمنزلةِ أَفْعالِها (¬4).
* واختلفَ سَلَفٌ من الصَّحابَةِ -رضيَ اللهُ تعالى عنهم- في عددِ التكبيرِ.
فاتفقَ فقهاءُ الأمصارِ على أن التكبيرَ أربعٌ، إلا ابنَ أبي ليلى وجابرَ بنَ زيدٍ؛ فإنهما قالا: هو خمسٌ وسِتٌّ.
¬__________
= و "مغني المحتاج" للشربيني (1/ 346)، و "المغني" لابن قدامة (2/ 194)، و "كشاف القناع" للبهوتي (2/ 121).
(¬1) انظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (1/ 311)، و "شرح فتح القدير" لابن الهُمام (2/ 119)، و "أحكام القرآن" للجصاص (4/ 351).
(¬2) انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (3/ 34)، و "بداية المجتهد" لابن رشد (1/ 173).
(¬3) رواه البخاري (446)، كتاب: المساجد، باب: كنس المسجد، والتقاط الخرق والقذى والعيدان، ومسلم (956)، كتاب: الجنائز، باب: الصلاة على القبر، عن أبي هريرة.
(¬4) انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (6/ 335)، و "بدائع الصنائع" للكاساني (1/ 313).