كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 3)

التزكيةِ؛ فإنَّ العبرةَ بعمومِ اللفظِ لا بخصوصِ السبب؛ بدليلِ قولي تعالى: {تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة: 103]، فقوله تعالى: {تُطَهِّرُهُمْ} إشارةٌ إلى الصَّدَقَةِ المُطَهِّرَةِ من الذُّنوبِ، وقولُه: {وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} إشارةٌ إلى الصدقةِ الواجِبَةِ المُزَكِّيةِ، وبدليلِ قولي تعالى: {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: 103]، وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - يُصَلِّي على كُلِّ مَنْ أَدَّى صدقةَ مالِه، امتثالًا لأمرِ ربِّه.
روينا في "الصحيحين" عن ابنِ أبي أَوْفى قال: كانَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذا أَتى قومٌ بصدقتهم، قال: "اللهمَّ صَل على آلِ فُلانٍ"، فأتاه أبي بصدقتِه، فقالَ: "اللهمَّ صَلِّ على آل أبي أَوْفى" (¬1).
* إذا تَمَّ هذا فقد علمنا أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لم يأخذْ من كُل أموالِهم صدقةً، فقالَ: "ليسَ للمرءِ المُسْلِمِ في عَبْدِهِ، ولا في فَرَسِهِ صَدَقَةٌ" (¬2).
وأخذَ من الإِبِلِ والغَنَم، وأَمَرَ بالأَخْذِ منَ البَقَر.
* وأجمعوا على أنه لا زَكاةَ في العُروضِ التي لم يُقْصَدْ بها التِّجارَةُ (¬3).
* واختلفوا فيما اتُّخِذَ للتِّجارةِ.
فأوجبَ الزكاةَ فيها فُقهاءُ الأمصار؛ لما رُوِيَ عن سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ: أنه قالَ: أما بَعْدُ، فإنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - كان يأمُرنا أن نُخرجَ الصدقةَ منَ الذي يُعَدُّ للبيع (¬4).
¬__________
(¬1) رواه البخاري (1426)، كتاب: الزكاة، باب: صلاة الإمام، ودعائه لصاحب الصدقة، ومسلم (1078)، كتاب: الزكاة، باب: الدعاء لمن أتى بصدقته.
(¬2) رواه البخاري (1394)، كتاب الزكاة، باب: ليس على المسلم في فرسه صدقة، ومسلم (982)، كتاب: الزكاة، باب: لا زكاة على المسلم في عبده وفرسه، عن أبي هريرة، وهذا لفظ مسلم.
(¬3) انظر: "الإجماع" لابن المنذر (ص 45).
(¬4) رواه أبو داود (1562)، كتاب: الزكاة، باب: العروض إذا كانت للتجارة هل =

الصفحة 372