كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 3)

فأما الشافعيُّ فتمسَّكَ بقولِ الزُّهْرِيِّ: أقرأني سالمٌ نسخةَ كتابِ رسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وفيها: "وإذا كانَتْ إحدى وتسعين، ففيها حِقَّتانِ حتى تبلُغَ عشرينَ ومئةً، وإذا (¬1) كانتْ إحدى وعشرينَ ومئةً، ففيها ثلاثُ بناتِ لَبونٍ، فإذا بلغتْ ثلاثينَ ومئةً، ففيها بنتا لَبونٍ وحُقَّةٌ (¬2) ". وتَمَسَّكَ ابنُ الماجشونِ بظاهرِ حديثِ أَنَسٍ؛ فإنهُ القدرُ الذي يستقيمُ ويجتمعُ فيه حسابُ الأربعينات والخمسينات.
وأما مالكٌ، فحمل الأمرَ على التخييرِ عَمَلًا بالدليلين.
* وأما الغنم:
فأجمعوا أيضًا على العمل بكتابِ الصدقةِ (¬3)، وهو ما روى ابنُ عمرَ -رضيَ اللهُ تعالى عنهما-: أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كتَب كتابَ الصدقةِ، وفيه: "في الغَنَمِ في كُلِّ أربعينَ شاةً شَاةٌ إلى عِشرينَ ومِئَةٍ، فإذا زادَتْ على ذلك واحدةً، ففيها شاتان إلى مِئَتين، فإذا زادَتْ واحدةً، ففيها ثلاثُ شياه إلى ثلاثِ مئةٍ، فإذا كانَتِ الغنمُ أكثرَ من ذلكَ، ففي كُلِّ مئةٍ شاةٌ" (¬4).
ولم يختلفوا إلا في الفريضَةِ الأخيرةِ، فأخذَ الجمهورُ بظاهرِ القولِ (¬5)،
¬__________
(¬1) في "ب": "فإذا".
(¬2) رواه ابن ماجه (1798)، كتاب: الزكاة، باب: صدقة الإبل، وابن عدي في "الكامل في الضعفاء" (3/ 288)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (4/ 88)، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه.
(¬3) انظر: "الإجماع" لابن المنذر (ص 43).
(¬4) رواه أبو داود (1568)، كتاب: الزكاة، باب: في زكاة السائمة، والترمذي (621)، كتاب: الزكاة، باب: في زكاة الإبل، وابن ماجه (1798)، كتاب الزكاة، باب: صدقة الإبل.
(¬5) انظر: "المغني" لابن قدامة (2/ 242)، و"شرح منتهى الإرادات" للبهوتي (1/ 405)، و"الأم" للشافعي (2/ 5)، و"الحاوي الكبير" للماوردي (3/ 112)،=

الصفحة 377