كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 3)

(من أحكام المعاملات)
181 - (1) قوله جَلَّ جَلالُهُ: {قَالُوا نَفْقِدُ صُوَاعَ الْمَلِكِ وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ (72)} [يوسف: 72].
أقولُ: اشتملتْ هذهِ الآيةُ على حكمين:
الأولُ: جوازُ عَقْدِ الجَعالَةِ عندَ مَنْ كانَ قَبْلَنا، وكذا جاءتْ به شريعتُنا.
روى أبو سَعيدٍ الخُدْرِيُّ -رضي الله تعالى عنه-: أَنَّ ناسًا من أصحابِ رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أَتَوْا حَيًّا من أحياءِ العَرَبِ، فلم يَقْروهُمْ، فبينما هم كذلك، إِذْ لُدِع سَيِّدُ أولئكَ، فقالوا: هل فيكُمْ راقٍ؟ فَقالوا: لم تَقْرونا، فلا نفعلُ، أو تَجْعَلوا لنا جُعْلًا، فَجَعلُوا لهم قطعَ شاءٍ فجعلَ يقرأُ رجلٌ بأمِّ القرآن، ويجمعُ بُزَاقَهُ ويَتْفُلُ، فَبَرَأَ الرحلُ، فأَتوهم بالشاء، فقالوا: لا نأخُذُها حتى نسأَلَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فسألوا عن ذلكَ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَضَحِكَ وقالَ: "ما أَدْراك أنها رُقْيَةٌ؟ خُذوها واضْرِبوا لي فيها بِسَهْمٍ" (¬1).
ويندرج في الآيةِ مسائلُ منَ الجَعالةِ:
¬__________
(¬1) رواه البخاري (5404)، كتاب: الطب، باب: الرقى بفاتحة الكتاب، ومسلم (2201)، كتاب: السلام، باب: جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار.

الصفحة 387