كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 3)
ومنهم من مَنَعَ الوَليَّ أن يَتَوَلَى القِصاص؛ خشيةَ التَّعَدِّي في الاستيفاءِ (¬1).
* واختلفَ أهلُ العلمِ في حقيقةِ الوَلِيِّ: فذهب مالكٌ والزهْرِيُّ إلى أَنَّهُ العَصَبةُ من الرجالِ؛ لأنَّ القِصاصَ يُرادُ لدفعِ العارِ، فاختصَّ بهِ العَصباتُ؛ كولايةِ النِّكاحِ (¬2).
وذهبَ ابنُ شُبْرُمَةَ إلى أنهُ من يَرِثُ بِنَسَبٍ دُونَ سَبَبٍ، فتخرجُ الزوجةُ والزوجُ؛ لانقطاعِ الزوجِيَّةَ بالموتِ.
وذهبَ أبو حنيفةَ، والثوريُّ، والشافعيُّ، وأحمدُ إلى أنه جميعُ الورثةِ؛ اعتبارًا لهُ بالدِّيَةِ (¬3).
وللشافعيةِ وَجْهان كالمذهبَيْنِ الأَوَّلَيْنِ.
* وفي الآيةِ دَلَالةٌ على أَنَّه لا يُستوفى القصاصُ إذا كَانَ الوَلِيُّ صَغيرًا أو مَجْنونًا حتى يَبْلُغَ هذا، ويُفيقَ هذا؛ لأنه هو الوليُّ، والسُّلطانُ ثابتٌ لَهُ، فلا يُجْعَلُ لغيرهِ، سواءٌ كانَ منفردًا بالولاية، أو مشارِكًا.
وبهِ قال الشافعيُّ، وأحمدُ، وأبو يوسُفَ، وعمرُ بنُ عبدِ العزيز (¬4).
وذهبَ مالكٌ، وأبو حنيفةَ، ومحمدٌ إلى أنه لا ينتظرُ، بل يجوزُ للأبِ
¬__________
(¬1) انظر: "روضة الطالبين" للنَّووي (9/ 221)، و"مغني المحتاج" للشربيني (4/ 42).
(¬2) انظر: "حاشية الدسوقي" (4/ 256).
(¬3) انظر: "بدائع الصنائع" للكاساني (7/ 243)، و"روضة الطالبين" للنَّووي (9/ 214)، و"مغني المحتاج" للشربيني (4/ 39)، و"المغني" لابن قدامة (8/ 276)، و"كشاف القناع" للبهوتي (5/ 533).
(¬4) انظر: "مغني المحتاج" للشربيني (4/ 40)، و"المغني" لابن قدامة (8/ 276)، و"كشاف القناع" للبهوتي (5/ 533)، و"بدائع الصنائع" للكلاساني (7/ 243 - 244).
الصفحة 411