كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 3)

واستدَلُّوا بما خَرَّجَهُ مُسْلِمٌ عنِ ابنِ عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما- قال: جمعَ رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بينَ الظُّهْرِ والعَصْرِ، والمَغْرِبِ والعِشاءِ بالمدينةِ من غير خَوْفٍ ولا مَطَرٍ.
في حديثِ وكيعٍ، قال: قلتُ لابنِ عَبّاسٍ: لمَ فعلَ ذلكَ؛ قالَ: كيلا تُحْرَجَ أُمَّتُهُ (¬1).
ولم (¬2) يُجَوِّزْهُ الشافِعيُّ ومالكٌ إلا في حالةِ الاضطرارِ (¬3)، وبهِ أقولُ، بدليلِ تحديده - صلى الله عليه وسلم - لأوقاتِ الصَّلاةِ، والحديثُ محمولٌ على أن الجمعَ جمعُ تأخيرٍ، وأَنَّهُ أَخَّرَ الأُولى إلى آخِرِ وَقْتِها؛ بحيثُ يفرغُ منها، ثم يدخلُ وقتُ الثانيةِ؛ بدليلِ مُداومتهِ - صلى الله عليه وسلم - على فعلِ الصَّلَواتِ في أوقِاتها.
وعن ابن مسعودٍ: غَسَقُ الليلِ: إِظْلامُهُ (¬4)، وذلك يتحقَّقُ عندَ غُروبِ الشفقِ.
وقرآنُ الفَجْرِ: هو صلاةُ الصُّبْحِ، فسره بذلك ابنُ عباسٍ وأبو هُريرةَ وسائرُ المفسرين -رضي الله تعالى عنهم (¬5).
فيكونُ على هذا التفسيرِ في الآيةِ إشارةٌ إلى مواقيتِ الصَّلاةِ؛ لأنه دخلَ
¬__________
(¬1) رواه مسلم (705)، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: الجمع بين الصلاتين في الحضر.
(¬2) في "ب": "فلم".
(¬3) انظر: "روضة الطالبين" للنَّووي (1/ 401)، و"مغني المحتاج" للشربيني (1/ 274)، و"الاستذكار" لابن عبد البرّ (2/ 211)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (1/ 125).
(¬4) رواه الطبري في "تفسيره" (15/ 135).
(¬5) انظر: "تفسير الطبري" (15/ 139)، و"التفسير الكبير" للرازي (21/ 23)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (10/ 306 - 307)، و"الدر المنثور" للسيوطي (5/ 322).

الصفحة 415