كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 3)
ويقعُ دلوكُها على غُروبِها، قالَ المُبَرِّدُ: دُلوكُ الشَّمْسِ: مِنْ لَدُنْ زَوالِها إلى غُروبها.
وبالغُروبِ فَسَّرَهُ ابنُ مَسعودٍ وابنُ عَبّاسٍ في روايةِ سعيدِ بنِ جُبيرٍ (¬1)، ويُروى عن عَلِيٍّ -رضيَ اللهُ تَعالى عنه- وبهِ قالَ السُّدِّيُّ (¬2)، فتكونُ الآيةُ على هذا التفسيرِ تدلُّ على وَقْتِ الغُروبِ (¬3)، وعلى امتدادهِ إلى غسقِ الليلِ، وهو غُروبُ الشَّفَقِ، وعلى صَلاةِ الفَجْرِ، وبامتدادِ وقتِ المغربِ إلى غُروبِ الشفقِ.
أقول: لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَقْتُ صَلاةِ المَغْرِب ما لَمْ يَغِبِ الشَّفَقُ"، ولبيانِه - صلى الله عليه وسلم - للسائِل في حديثِ أبي موسى الآتي قريبًا.
وبيانُ جبريلَ -عليه السلامُ- محمولٌ على الوقتِ المُختار؛ بدليل امتدادِ وقتِ العَصْرِ إلى الغُروبِ، ووَقْتِ العِشاء إلى طلوع الفَجْرِ، وهو لم يمدهما، فبيانُه ظاهرٌ، والظاهِرُ لا يعارِضُ النَّصَّ، وتكونُ الجملةُ الأولى من قوله تعالى: {فَسُبْحَانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ (17)} [الروم: 17] تدلُّ على مثلِ ما دَلَّتْ عليهِ هذهِ الآيةُ من بيانِ ميقاتِ صلاةِ المغرب وصَلاةِ الفَجْرِ، ثم يَدلُّ على صَلَاتَي العِشاءِ بقوله: {وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ} [الروم: 18] تدلُّ على ميقاتِ الصَّلاةِ الخامِسَةِ، وهيَ صلاةُ العِشاءِ قوله تعالى: {وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ} [النور: 58]، وبهذا فَسَّرَ ابنُ عباسٍ الآيةَ الثانيةَ،
¬__________
(¬1) انظر: "تفسير الطبري" (15/ 134)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (10/ 303).
(¬2) انظر: "التفسير الكبير" للرازي (21/ 23)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (10/ 305 - 306).
(¬3) في "ب": "المغرب".
الصفحة 417