كتاب تيسير البيان لأحكام القرآن (اسم الجزء: 3)

لكن قالَ ابنُ عبدِ البَرِّ: بُكَيْرُ بنُ الأخنس ليس بحجَّةٍ فيما يتفردُ بهِ (¬1).
وحكيَ عن ابنِ عباس - رضي الله تعالى عنهما - أنَّ المراد بالقَصْر هو الإيماءُ عندَ الخوفِ راكباً (¬2).
- وذهب قومٌ إلى أنه شرطٌ للتعليقِ بالحكم الذي بعدَهُ، فهو ابتداءُ كلامٍ مُتَّصِلٍ بما بعدَهُ، منقطعٍ عما قبله (¬3).
وروي عن أبي أيوبَ الأنصاريِّ - رضي الله تعالى عنه -: أنه قال: نزل قوله تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاة (101)} [النساء: 101] هذا القَدْرُ، ثم بعدَ حَوْلٍ سألوا رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عن صلاةِ الخَوْفِ فنزل (¬4): {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ
¬__________
(¬1) انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (15/ 273) لكن قال الذهبي: لم أر أحداً تكلم فيه بضعف، وقد وثقه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي بقولهم: ثقة، وقد ذكره ابن حبان في "الثقات". انظر: "ميزان الاعتدال" له (8/ 65).
(¬2) ورجح الطبري هذا القول. انظر: "تفسير الطبري" (5/ 249). وانظر: "المحلى" لابن حزم (5/ 35).
(¬3) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (5/ 362)، و"البحر المحيط" لأبي حيان (3/ 353).
(¬4) جاء على هامش "ب": " {إِنْ خِفْتُمْ} الآية، لا تنزلوا متفرقة، كما قال الشافعي، فتنظر في كتب بيان عدد الآي، لكن الذي رأيته في كتاب الإمام أبي عمرو الداني في آي القرآن أن قوله تعالى: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} إلى {مُهِينًا} آية واحدة، ولم يذكر فيه خلافاً، فإن صح تأخر إنزال (إن خفتم) فهو إلحاق شرط لا أنه آية أخرى، ولم يختلف أهل العدد فيما نعلم أنه آية واحدة، فيكون التقدير: أنه نزل قوله: {وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكَافِرِينَ كَانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِينًا (101)} ثم نزل قوله: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا} وهو للتغليب لا للتعليق، أو يقال: بأن من رأى تأخره لم يعلم به إلا بعد سنة، والله أعلم".

الصفحة 7