كتاب التقاسيم والأنواع (اسم الجزء: 3)

ذِكْرُ خَبَرٍ احْتَجَّ بِهِ مَنْ جَهِلَ صِنَاعَةَ الْحَدِيثِ فَزَعَمَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَشْهَدْ هَذِهِ الْقِصَّةَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلى الله عَلَيه وسَلم، وَلَا صَلَّى مَعَهُ هَذِهِ الصَّلَاةَ.
٢٧٥٧ - أَخبَرنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: حَدثنا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ شُبَيْلٍ، عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، قَالَ: كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ بِالْحَاجَةِ حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا للهِ قَانِتِينَ} [البقرة: ٢٣٨]، فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: هَذَا الْخَبَرُ يُوهِمُ مَنْ لَمْ يَطْلُبِ الْعِلْمَ مِنْ مَظَانِّهِ أَنَّ نَسْخَ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ كَانَ بِالْمَدِينَةِ، وَأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ لَمْ يَشْهَدْ قِصَّةَ ذِي الْيَدَيْنِ، وَذَاكَ أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ مِنَ الأَنْصَارِ، وَقَالَ: كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ بِالْحَاجَةِ، وَلَيْسَ مِمَّا يَذْهَبُ إِلَيْهِ الْوَاهِمُ فِيهِ فِي شَيْءٍ مِنْهُ، وَذَلِكَ أَنَّ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ كَانَ مِنَ الأَنْصَارِ الَّذِينَ أَسْلَمُوا بِالْمَدِينَةِ، وَصَلَّوْا بِهَا قَبْلَ هِجْرَةِ الْمُصْطَفَى صَلى الله عَلَيه وسَلم إِلَيْهَا، وَكَانُوا يُصَلُّونَ بِالْمَدِينَةِ كَمَا يُصَلِّي الْمُسْلِمُونَ بِمَكَّةَ فِي إِبَاحَةِ الْكَلَامِ فِي الصَّلَاةِ لَهُمْ، فَلَمَّا نُسِخَ ذَلِكَ بِمَكَّةَ نُسِخَ كَذَلِكَ بِالْمَدِينَةِ، فَحَكَى زَيْدٌ مَا كَانُوا عَلَيْهِ، لَا أَنَّ زَيْدًا حَكَى مَا لَمْ يَشْهَدْهُ. [٢٢٥٠]

الصفحة 465