كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 3/ 1)

تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [هود: 54 - 56].
وكذلك يجب أن يكون دعاة الإصلاح في كل حين: يزدرون أهل الضلال، ويواجهونهم بكل ما ملكوا من حجةٍ وحكمة.
دعا هود - عليه السلام - قومه إلى الحق، ودلَّهم على سبيل الخير، فاستحبوا الكفر على الإيمان إلا قليلاً منهم، وكان عذابهم أن أرسل الله عليهم ريحاً شديدة الصوت: {(5) وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ} [الحاقة: 6 - 7].
أباد الله أولئك الجاحدين، ولم يبق منهم أحد، قال تعالى: {فَهَلْ تَرَى لَهُمْ مِنْ بَاقِيَةٍ} [الحاقة: 8]. وقال {وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ} [الأعراف: 72]، وقال: {فَأَصْبَحُوا لَا يُرَى إِلَّا مَسَاكِنُهُمْ} الأحقاف:] 25، وقال تعالى: {وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عَادًا الْأُولَى (50) وَثَمُودَ فَمَا أَبْقَى} [النجم: 50 - 51]. ونجى هوداً والذين آمنوا معه. قال تعالى: {فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا} [الأعراف: 72]. وقال تعالى: {وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَنَجَّيْنَاهُمْ مِنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ} [هود: 58].

* بعثة صالح - عليه السلام - لثمود:
بُعث صالح إلى قوم من العرب يقال لهم: "ثمود". وثمود: قبيلة من العرب العاربة كانوا يسكنون الحِجْر: بين الحجاز والشام. وفي "صحيح البخاري" عن ابن عمر: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما نزل الحِجْر في غزوة تبوك، أمرهم ألا يشربوا من بئرها، وألا يسقوا منها. وفي "صحيح البخاري" أيضاً:

الصفحة 10