كتاب موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين (اسم الجزء: 3/ 1)

التابعون بروايتها الاعتناء الذي يرفع كل واحد منها إلى مرتبة التواتر المفيد للقطع؛ لعلمهم أن في القرآن الكريم، وحكمة الشريعة، والسيرة النبوية آياتٍ بينات، ودلائل تكفي الناظر، فلا يحتاج إلى غيرها من الآيات التي كانت قد وقعت وشهدها قوم آخرون.
ويدخل في هذا الباب: إخباره - عليه الصلاة والسلام - بأمور غيبية واقعة؛ كنعيه للنجاشي يوم موته، وقوله للصحابة: "مات اليوم رجل صالح، فقوموا فصلوا على أخيكم أصحمة (¬1)، وإخباره عن أمور مستقبلة؛ كقوله لعدي بن حاتم: "إن طالت بك الحياة، لترين الظعينة ترحل من الحيرة (¬2) حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحداً إلا الله"، وقوله له: "لئن طالت بك حياة، لمفتحن كنوز كسرى"، قال عدي: قلت: كسرى هرمز؟! قال: "كسرى هرمزدا، قال عدي: فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله، وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى (¬3).
وهذا النوع من المعجزات قد ينفع في هداية الذين يؤخذون بالدلائل المحسوسة أكثر مما يؤخذون بالدلائل المعقولة. وقد يجري بمحضر المؤمنين؛ ليزدادوا إيماناً مع إيمانهم، أو يجري حيث يكون في المعجرة دفع حاجة لا تدفع إلا بها؛ كتكثير المال القليل في بعض الغزوات ليكفي حاجات الجماعات الكثيرة.
¬__________
(¬1) "صحيح الإمام البخاري".
(¬2) بلد بجنب الكوفة.
(¬3) "صحيح الإمام البخاري".

الصفحة 58