كتاب التهجد وقيام الليل لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

282 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي عَبْدِ اللهِ الْخُزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي بَعْضُ أَشْيَاخِنَا، قَالَ: رَثَا عَبَّادُ بْنُ تَمِيمِ بْنِ زِيَادٍ التَّمِيمِيُّ، وَذَكَرَ إِخْوَانًا لَهُ مُتَعَبِّدِينَ جَاءَ الطَّاعُونُ فَاخْتَرَمَهُمْ, فَرَثَاهُمْ عَبَّادٌ فَقَالَ:
فِتْيَةٌ يُعْرَفُ التَّخَشُّعُ فِيهِمْ ... كُلُّهُمْ أَحْكَمَ الْقُرْآنَ غُلاَمَا
قَدْ بَرَى جِلْدَهُ التَّهَجُّدُ حَتَّى ... عَادَ جِلْدًا مُصْفَرًا وَعِظَامًا
تَتَجَافَى عَنِ الْفِرَاشِ مِنَ الْخَوْفِ ... إِذَا الْجَاهِلُونَ بَاتُوا نِيَامَا
بِأَنِينٍ وَعَبْرَةٍ وَنَحِيبٍ ... وَيَظَلُّونَ بِالنَّهَارِ صِيَامَا
يَقْرَؤُونَ الْقُرْآنَ لاَ رَيْبَ فِيهِ ... وَيَبِيتُونَ سُجَّدًا وَقِيَامَا.
283 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ، أَنَّهُ ذَكَرَ الْعُبَّادَ فَقَالَ:
وَمَا فُرُشُهُمْ إِلاَّ أَيَامِنُ أُزْرِهِمْ ... وَمَا وُسُدُهُمْ إِلاَّ مَلاَءٌ وَأَذْرُعُ
وَمَا لَيْلُهُمْ فِيهَا إِلاَّ تَخَوُّفٌ ... وَلاَ نَوْمُهُمْ إِلاَّ عَشَاشٌ مُرَوَّعُ
وَأَلْوَانُهُمْ صُفْرٌ كَأَنَّ وُجُوهَهُمْ ... عَلَيْهَا جِسَادٌ عَلَّ بِالْوَرْسِ مُشْبَعُ
نَوَاحِلُ قَدْ أَزْرَى بِهَا الْجَهْدُ وَالسُّرَى ... إِلَى اللهِ فِي الظَّلْمَاءِ وَالنَّاسُ هُجَّعُ
وَيَبْكُونَ أَحْيَانًا كَأَنَّ عَجِيجَهُمْ ... إِذَا نَوَّمَ النَّاسُ الْحَنِينُ الْمُرَجَّعُ
وَمَجْلِسٍ ذِكْرٍ فِيهِمُ قَدْ شَهِدْتُهُ ... وَأَعْيُنُهُمْ مِنْ رَهْبَةِ اللهِ تَدْمَعُ.

الصفحة 101