كتاب التهجد وقيام الليل لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

284 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ شَقِيقٍ، قَالَ: سَمِعْتُ خَاقَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُبَارَكِ يَقُولُ:
وَحَمَّلُوا اللَّيْلَ أَبْدَانًا مُذَلَّلَةً ... وَأَنْفُسًا لاَ دُنْيَا وَلاَ دُونَا
تَمْرِي قَوَارِعُ فِي الْقُرْآنِ أَعْيُنَهُمْ ... مَرْيَ الْمَرِيِّ أَكُفَّ الْمُسْتَدِرِّينَا.
285 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: قَالَ ابْنُ الْمُبَارَكِ:
إِذَا مَا اللَّيْلُ أَظْلَمَ كَابَدُوهُ ... فَيُسْفِرُ عَنْهُمُ وَهُمُ رُكُوعُ
أَطَارَ الْخَوْفُ نَوْمَهُمْ فَقَامُوا ... وَأَهْلُ الأَمْنِ فِي الدُّنْيَا هُجُوعُ.
- بَابُ ثَوَابِ الْمُتَهَجِّدِينَ
[حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ الأَصْبَهَانِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدٍ الْقُرَشِيُّ يَوْمَ الثُّلاَثَاءِ لِخَمْسَ عَشَرَ خَلَوْنَ مِنْ ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَتَيْنِ].
286 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ الْجَرْمِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا عَاصِمٍ الْعَبَّادَانِيَّ، يَذْكُرُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّنْعَانِيِّ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: لَنْ يَبْرَحَ الْمُتَهَجِّدُونَ مِنْ عَرْصَةِ الْقِيَامَةِ, حَتَّى يُؤْتَوْا بِنَجَائِبَ مِنَ اللُّؤْلُؤِ قَدْ نُفِخَ فِيهَا الرُّوحُ, فَيُقَالُ لَهُمُ: انْطَلِقُوا إِلَى مَنَازِلِكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ رُكْبَانًا، قَالَ: فَيَرْكَبُونَهَا, فَتَطِيرُ بِهِمْ مُتَعَالِيَةً, وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِمْ, فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَنْ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنَا؟ قَالَ: فَلاَ يَزَالُونَ كَذَلِكَ, حَتَّى تَنْتَهِيَ بِهِمْ إِلَى مَسَاكِنِهِمْ وَأَفْنِيَتِهِمْ مِنَ الْجَنَّةِ.
287 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدٌ، حَدَّثَنِي صَدَقَةُ بْنُ بَكْرٍ السَّعْدِيُّ، حَدَّثَنِي مُرَجَّى بْنُ وَدَاعٍ الرَّاسِبِيُّ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ حَبِيبٍ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللهِ بْنُ غَالِبٍ الْحُدَّانِيُّ لَمَّا بَرَزَ الْعَدُوُّ: عَلَى مَا آسَى مِنَ الدُّنْيَا, فَوَاللَّهِ مَا فِيهَا لِلَبِيبٍ مَنْزِلٌ، وَاللَّهِ لَوْلاَ مَحَبَّتِي بِمُبَاشَرَةِ السَّهَرِ بِصَفْحَةِ وَجْهِي, وَافْتِرَاشِ الْجَبْهَةِ لَكَ يَا سَيِّدِي, وَالْمُرَاوَحَةِ بَيْنَ الأَعْضَاءِ وَالْكَرَادِيسِ فِي ظُلَمِ اللَّيَالِي رَجَاءَ ثَوَابِكَ وَحُلُولِ رِضْوَانِكَ, لَقَدْ كُنْتُ مُتَمَنِّيًا لِفِرَاقِ الدُّنْيَا وَأَهْلِهَا، قَالَ: ثُمَّ كَسَرَ جَفْنَ سَيْفِهِ, ثُمَّ تَقَدَّمَ, فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ، قَالَ: فَحُمِلَ مِنَ الْمَعْرَكَةِ, وَإِنَّ بِهِ لَرَمَقًا، فَمَاتَ دُونَ الْعَسْكَرِ، قَالَ: فَلَمَّا دُفِنَ, أَصَابُوا مِنْ قَبْرِهِ رَائِحَةَ الْمِسْكِ، قَالَ: فَرَآهُ رَجُلٌ مِنْ إِخْوَانِهِ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ, فَقَالَ: يَا أَبَا فِرَاسٍ, مَا صَنَعْتَ؟ قَالَ: خَيْرَ الصَّنِيعِ، قَالَ: إِلاَمَ صِرْتَ؟ قَالَ: إِلَى الْجَنَّةِ، قَالَ: بِمَ؟ قَالَ: بِحُسْنِ الْيَقِينِ, وَطُولِ التَّهَجُّدِ, وَظَمَأِ الْهَوَاجِرِ، قَالَ: فَمَا هَذِهِ الرَّائِحَةُ الطَّيِّبَةُ الَّتِي تُوجَدُ مِنْ قَبْرِكَ؟ قَالَ: تِلْكَ رَائِحَةُ التِّلاَوَةِ وَالظَّمَأِ، قَالَ: قُلْتُ: أَوْصِنِي، قَالَ: بِكُلِّ خَيْرٍ أُوصِيكَ، قُلْتُ: أَوْصِنِي، قَالَ: اكْسِبْ لِنَفْسِكَ خَيْرًا, لاَ تُخْرِجْ عَنْكَ اللَّيَالِي وَالأَيَّامَ عُطْلاً, فَإِنِّي رَأَيْتُ الأَبْرَارَ نَالُوا الْبِرَّ بِالْبِرِّ.

الصفحة 102