كتاب التهجد وقيام الليل لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل
288 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُصْلِحٍ الْعَتَكِيُّ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ خَالِدِ بْنِ مِينَاسَ، وَكَانَ وَاللَّهِ مِمَّنْ يَخَافُ اللَّهَ عِنْدَنَا سِرًّا وَعَلاَنِيَةً، قَالَ: حَدَّثَنِي صَاحِبٌ لَنَا مِنَ الصُّورِيِّينَ، قَالَ: مُثِّلَتْ لِيَ الْقِيَامَةُ فِي مَنَامِي, فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ إِلَى قَوْمٍ مِنْ إِخْوَانِي قَدْ نُضِّرَتْ وُجُوهُهُمْ, وَأَشْرَقَتْ أَلْوَانُهُمْ, وَعَلَيْهِمُ الْحُلَلُ دُونَ ذَلِكَ الْجَمْعِ, فَقُلْتُ: مَا بَالُ هَؤُلاَءِ مُكْتَسُونَ, وَالنَّاسُ عُرَاةٌ, وَوُجُوهُهُمْ مُشْرِقَةٌ نَضْرَةً, وَالنَّاسُ غُبْرٌ كَمَا نُشِرُوا مِنَ الْقُبُورِ؟ قَالَ: فَقَالَ لِي قَائِلٌ: أَمَّا الَّذِي رَأَيْتَ مِنَ الْكِسْوَةِ, فَإِنَّ أَوَّلَ مَا يُكْسَى مِنَ الْخَلاَئِقِ بَعْدَ النَّبِيِّينَ: الْمُؤَذِّنُونَ, وَأَهْلُ الْقُرْآنِ، وَأَمَّا مَا رَأَيْتَ مِنَ إِشْرَاقِ الْوُجُوهِ, فَذَلِكَ ثَوَابُ السَّهَرِ وَالتَّهَجُّدِ, مَعَ عَظِيمِ مَا يُدَّخَرُ لَهُمْ فِي الْجَنَّةِ، قَالَ: وَرَأَيْتُ قَوْمًا عَلَى نَجَائِبَ، فَقُلْتُ: مَا بَالُ هَؤُلاَءِ رُكْبَانٌ, وَالنَّاسُ حُفَاةٌ مُشَاةٌ؟ قَالَ: فَقِيلَ لِي: هَؤُلاَءِ الَّذِينَ قَامُوا لِلَّهِ عَلَى أَقْدَامِهِمْ تَقَرُّبًا إِلَيْهِ أَثَابَهُمْ بِذَلِكَ خَيْرَ الثَّوَابِ, مَرَاكِبَ لاَ تَرُوثُ, وَلاَ تَبُولُ, وَأَزْوَاجًا لاَ يَمُتْنَ وَلاَ يَهْرِمْنَ، قَالَ: فَصِحْتُ وَاللَّهِ فِي مَنَامِي: وَاهًا لِلْعَابِدِينَ مَا أَشْرَفَ الْيَوْمَ مَقَامَهُمْ، قَالَ: وَاسْتَيْقَظْتُ وَاللَّهِ وَأَنَا وَجِلُ الْقَلْبِ مِمَّا كُنْتُ فِيهِ.
الصفحة 103
630