كتاب التهجد وقيام الليل لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

289 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ، قَالَ: كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُحَادَةَ مِنَ الْعَابِدِينَ, وَكَانَ يُقَالُ: إِنَّهُ لاَ يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلاَّ أَيْسَرَهُ، قَالَ: فَرَأَيْتُ امْرَأَةٌ مِنْ جِيرَانِهِ كَأَنَّ حُلَلاً فُرِّقَتْ عَلَى أَهْلِ مَسْجِدِهِمْ, فَلَمَّا انْتَهَى الَّذِي يُفَرِّقُهَا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ, دَعَا بِسَفَطٍ مَخْتُومٍ, فَأَخْرَجَ حُلَّةً خَضْرَاءَ قَالَتْ: لَمْ يَقُمْ لَهَا بَصَرِي, قَالَتْ: فَكَسَاهُ إِيَّاهَا, وَقَالَ: هَذِهِ لَكَ بِطُولِ السَّهَرِ, قَالَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ: فَوَاللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أَرَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَتَخَايَلُهَا عَلَيْهِ, تَعْنِي الْحُلَّةَ.
290 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ, أَبُو إِسْحَاقَ الصَّنْعَانِيُّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، قَالَ: مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ سُورَةَ الْبَقَرَةِ, وَآلِ عِمْرَانَ كَانَا لَهُ نُورًا مَا بَيْنَ عَجِيبَاءَ, وَغَرِيبَاءَ، فَقُلْتُ لِمُحَمَّدٍ: مَا عَجِيبَاءُ؟ قَالَ: عَجِيبَاءُ أَسْفَلُ الأَرَضِينَ، وَغَرِيبَاءُ الْعَرْشُ.
291 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْجَعْدِ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ طَلْحَةَ، عَنْ زُبَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الأَسْوَدِ، قَالَ: مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْبَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ تُوِّجَ بِهَا تَاجًا فِي الْجَنَّةِ.
292 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عِيسَى بْنِ ضِرَارٍ السَّعْدِيُّ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ سَلْمَانَ الْعَابِدُ، وَكَانَ يَرَى الآيَاتِ وَالأَعَاجِيبَ، قَالَ: حَدَّثَنِي مُطَهَّرٌ السَّعْدِيُّ، وَكَانَ قَدْ بَكَى شَوْقًا إِلَى اللهِ سِتِّينَ عَامًا، قَالَ: أُرِيتُ كَأَنِّي عَلَى ضِفَّةِ نَهْرٍ يَجْرِي بِالْمِسْكِ الأَذْفَرِ، حَافَّتَاهُ شَجَرٌ وَلُؤْلُؤٌ، وَنَبْتٌ مِنْ قُضْبَانِ الذَّهَبِ، وَإِذَا أَنَا بِجَوَارٍ مُزَيَّنَاتٍ, يَقُلْنَ بِصَوْتٍ وَاحِدٍ: سُبْحَانَ الْمُسَبَّحِ بِكُلِّ لِسَانٍ سُبْحَانَهُ سُبْحَانَ الْمَوْجُودِ بِكُلِّ مَكَانٍ, سُبْحَانَهُ سُبْحَانَ الدَّائِمِ فِي كُلِّ الأَزْمَانِ, سُبْحَانَهُ، قَالَ: فَقُلْتُ: مَنْ أَنْتُنَّ؟ فَقُلْنَ: خَلْقٌ مِنْ خَلْقِ الرَّحْمَنِ سُبْحَانَهُ, فَقُلْتُ: مَا تَصْنَعْنَ هَاهُنَا؟ فَقُلْنَ:
ذَرَأَنَا إِلَهُ النَّاسِ رَبُّ مُحَمَّدٍ ... لِقَوْمٍ عَلَى الأَطْرَافِ بِاللَّيْلِ قُوَّمُ
يُنَاجُونَ رَبَّ الْعَالَمِينَ إِلَهَهُمْ ... وَتَسْرِي هُمُومُ الْقَوْمِ وَالنَّاسُ نُوَّمُ
قَالَ: قُلْتُ: بَخٍ بَخٍ, لِهَؤُلاَءِ مِنْ هَؤُلاَءِ، لَقَدْ أَقَرَّ اللَّهُ أَعْيُنَهُمْ بِكُنَّ، قَالَ: فَقُلْنَ: أَوَمَا تَعْرِفُهُمْ؟ قُلْتُ: لاَ وَاللَّهِ مَا أَعْرِفُهُمْ، قُلْنَ: بَلَى, هَؤُلاَءِ الْمُتَهَجِّدُونَ أَصْحَابُ الْقُرْآنِ وَالسَّهَرِ.

الصفحة 104