كتاب التوبة لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

59 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنِي ابْنُ أَخِي حَفْصِ بْنِ مَيْسَرَةَ، قَالَ: قَدِمَ بِشْرُ بْنُ رَوْحٍ الْمُهَلَّبِيُّ أَمِيرًا عَلَى عَسْقَلاَنَ, فَقَالَ: مَنْ هَاهُنَا؟ قِيلَ: [أَبُو عُمَرَ الصَّنْعَانِيُّ], يَعْنِي حَفْصَ بْنَ مَيْسَرَةَ, فَأَتَاهُ, فَخَرَجَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: عِظْنِي، فَقَالَ: أَصْلِحْ مَا بَقِيَ مِنْ عُمُرِكَ يُغْفَرْ لَكَ مَا قَدْ مَضَى مِنْهُ، وَلاَ تُفْسِدْ فِيمَا بَقِيَ, فَتُؤْخَذْ فِيمَا قَدْ مَضَى.
60 - حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ عُبَيْدٍ، أَنْبَأَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا مِسْعَرٌ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ، قَالَ: إِنَّ حَقَّ اللهِ أَثْقَلُ مِنْ أَنْ يَقُومَ بِهِ الْعِبَادُ، وَإِنَّ نِعَمَ اللهِ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ يُحْصِيَهَا الْعِبَادُ، وَلَكِنْ أَصْبِحُوا تَوَّابِينَ, وَأَمْسُوا تَوَّابِينَ.
61 - حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: قَالَ ابْنُ عَوْنٍ: لاَ تَثِقَنَّ بِكَثْرَةِ الْعَمَلِ, فَإِنَّكَ لاَ تَدْرِي يُقْبَلُ مِنْكَ أَمْ لاَ، وَلاَ تَأْمَنْ ذُنُوبَكَ، فَإِنَّكَ لاَ تَدْرِي هَلْ كُفِّرَتْ عَنْكَ أَمْ لاَ، إِنَّ عَمَلَكَ عَنْكَ مُغَيَّبٌ كُلَّهُ, مَا تَدْرِي مَا اللَّهُ صَانِعٌ فِيهِ, أَيَجْعَلُهُ فِي سِجِّينَ, أَمْ يَجْعَلُهُ فِي عِلِّيِّينَ.
62 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْقَاسِمِ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، قَالَ: قَالَ فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ: بِقَدْرِ مَا يَصْغُرُ الذَّنْبُ عِنْدَكَ، كَذَا يَعْظُمُ عِنْدَ اللهِ، وَبِقَدْرِ مَا يَعْظُمُ عِنْدَكَ, كَذَا يَصْغُرُ عِنْدَ اللهِ.
63 - حَدَّثَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنِي إِبْرَاهِيمُ بْنُ رَجَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ السَّمَّاكِ قَالَ: أَصْبَحَتِ الْخَلِيقَةَ عَلَى ثَلاَثَةِ أَصْنَافٍ: صِنْفٌ مِنَ الذَّنْبِ تَائِبٌ, مُوَطِّنٌ نَفْسَهُ عَلَى هُجْرَانِ ذَنْبِهِ, لاَ يُرِيدُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى شَيْءٍ مِنْ سَيِّئِهِ هَذَا الْمُبرز، وَصِنْفٌ يُذْنِبُ، [ثُمَّ يَنْدَم, ويذنب ويحزن] يُذْنِبُ، وَيُذْنِبُ وَيَبْكِي، هَذَا يُرْجَى لَهُ، وَيُخَافُ عَلَيْهِ، وَصِنْفٌ يُذْنِبُ، وَلاَ يَنْدَمُ، وَيُذْنِبُ وَلاَ يَحْزَنُ، وَيُذْنِبُ وَلاَ يَبْكِي، فَهَذَا الْخَائِنُ, الْحَائِدُ عَنْ طَرِيقِ الْجَنَّةِ إِلَى النَّارِ.

الصفحة 176