كتاب التوبة لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

91 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ ثَوْرِ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، قَالَ: مَا مِنْ إِنْسَانٍ إِلاَّ وَالشَّيْطَانُ مُتَبَطِّنٌ فَقَارَ ظَهْرِهِ، لاَوٍ عُنُقَهُ عَلَى عَاتِقِهِ، فَاغِرٌ فَاهُ عَلَى قَلْبِهِ.
92 - بَلَغَنِي أَنَّ بَعْضَ الْمُلُوكِ قَالَ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ: الْعَجَبُ لِمَنْ عَرَفَ اللَّهَ وَجَلاَلَهُ, كَيْفَ يُخَالِفُ أَمْرَهُ, وَيَنْتَهِكُ حُرْمَتَهُ؟ قَالَ الْحَكِيمُ: بِإِغْفَالِ الْحَذَرِ، وَبَسْطِ أَمَدِ الأَمَلِ، وَبِعَسَى، وَسَوْفَ، وَلَعَلَّ, قَالَ الْمَلِكُ: فَبِمَا يُعْتَصَمُ مِنَ الشَّهْوَةِ، وَقَدْ رُكِّبَتْ فِي أَبْدَانٍ ضَعِيفَةٍ، فَفِي كُلِّ جُزْءٍ مِنَ الْبَدَنِ لِلشَّهْوَةِ حُلُولٌ وَوَطَنٌ، قَالَ الْحَكِيمُ: إِنَّ الشَّهْوَةَ مِنْ نِتَاجِ الْفِكْرِ، وَقَرِينُ كُلِّ فِكْرَةٍ عِبْرَةٌ، وَمَعَ كُلِّ شَهْوَةٍ زَاجِرٌ عَنْهَا, فَمَنْ قَرَنَ شَهَوَاتُهُ بِالاِعْتِبَارِ, وَحَاطَ بالزداجر انحلت عَنْهُ رِبْقَةِ الْعُدْوَانِ، وَدَحَضَ سَيِّئَ فِكْرِهِ بِإِيثَارِ الصَّبْرِ عَلَى شَهْوَتِهِ، لِمَا يَرْجُو مِنْ ثَوَابِ اللهِ عَلَى طَاعَتِهِ، وَعِقَابِهِ عَلَى مَعْصِيَتِهِ.
93 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: سَمِعْتُ الْفُضَيْلَ بْنَ عِيَاضٍ يَقُولُ: تَسْأَلُهُ الْجَنَّةَ، وَتَأْتِي مَا يَكْرَهُ، مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَقَلَّ نَظَرًا مِنْكَ لِنَفْسِكَ.
94 - قِيلَ لِبَعْضِ الْحُكَمَاءِ: مَا أَنْفَعُ الْحَيَاءِ؟ قَالَ: أَنْ تَسْتَحِيَ أَنْ تَسْأَلَهُ مَا تُحِبُّ, وَتَأْتِي مَا يَكْرَهُ.

الصفحة 184