كتاب التوبة لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

136 - حَدَّثَنِي حَمْزَةُ، أَنْبَأَنَا عَبْدَانُ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللهِ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ بَهْرَامَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: بَيْنَمَا الْمَسِيحُ فِي رَهْطٍ مِنَ الْحَوَارِيِّينَ بَيْنَ نَهْرٍ جَارٍ, وَجِيفَةٍ مُنْتِنَةٍ، أَقْبَلَ طَائِرٌ حَسَنُ اللَّوْنِ يَتْلَوَّنُ كَأَنَّمَا هُوَ الذَّهَبُ, فَوَقَعَ قَرِيبًا, فَانَتفَضَ, فَسَلَخَ عَنْهُ مِسَكَّهُ, فَإِذَا هُوَ حِينَ سَلَخَ عَنْهُ مِسَكَّهُ أُقَيْرِعُ أُجَيْمِشُ, فَانْطَلَقَ يَدِبُّ إِلَى الْجِيفَةِ الْمُنْتِنَةِ, فَتَمَعَّكَ فِيهَا، وَتَلَطَّخَ بِنَتَنِهَا، فَازْدَادَ قُبُوحًا إِلَى قُبُوحِهِ، وَنَتَنًا إِلَى نَتَنِهِ، ثُمَّ انْطَلَقَ يَدِبُّ, حَتَّى أَتَى نَهْرًا إِلَى جَنْبِهِ ضَحْضَاحٍ صَافٍ, فَاغْتَسَلَ فِيهِ، حَتَّى رَجَعَ كَأَنَّهُ بَيْضَةٌ مُقَشَّرَةٌ، ثُمَّ انْطَلَقَ يَدِبُّ إِلَى مِسَكِّهِ, فَتَدَرَّعَهُ كَمَا كَانَ حِينَ أَوَّلَ مَرَّةٍ, فَكَذَلِكَ مَثَلُ عَامِلِ الْخَطِيئَةِ حِينَ يَكُونُ فِي الْخَطَايَا، وَكَذَلِكَ مَثَلُ التَّوْبَةِ كَمَثَلِ اغْتِسَالِهِ مِنَ النَّتَنِ فِي النَّهْرِ الضَّحْضَاحِ، ثُمَّ رَاجَعَ دِينَهُ حِينَ تَدَرَّعَ مِسَكَّهُ.
137 - وَبِهِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، أَنْبَأَنَا سَعِيدُ بْنُ سِنَانٍ الْحِمْصِيُّ، قَالَ: أَوْحَى اللَّهُ إِلَى نَبِيٍّ مِنَ الأَنْبِيَاءِ أَنَّ الْعَذَابَ حَائِقٌ، قَالَ: فَذَكَرَ ذَلِكَ النَّبِيُّ لِقَوْمِهِ, وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُخْرِجُوا أَفَاضِلَهُمْ فَيَتُوبُوا، قَالَ: فَخَرَجُوا, فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا بِثَلاَثَةٍ مِنْ أَفَاضِلِهِمْ وَفْدًا إِلَى اللهِ، أَوْ قَالَ: بِوِفَادَتِهِمْ إِلَى اللهِ، قَالَ: فَخَرَجَتِ الثَّلاَثَةُ أَمَامَ الْقَوْمِ, قَالَ: فَقَالَ أَحَدُ الثَّلاَثَةِ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَمَرْتَنَا فِي التَّوْرَاةِ الَّتِي أَنْزَلْتَ عَلَى عَبْدِكَ مُوسَى أَنْ لاَ نَرُدَّ السُّؤَّالَ إِذَا قَامُوا بِأَبْوَابِنَا، وَإِنَّا سُؤَّالٌ مِنْ سُؤَّالِكَ بِبَابٍ مِنْ أَبْوَابِكَ, فَلاَ تَرُدَّ مَنْ سَأَلَكَ، وَقَالَ الثَّانِي: اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَمَرْتَنَا فِي التَّوْرَاةِ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى عَبْدِكَ مُوسَى أَنْ نَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمْنَا، وَإِنَّا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا فَاعْفُ عَنَّا، وَقَالَ الثَّالِثُ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ أَمَرْتَنَا فِي التَّوْرَاةِ الَّتِي أَنْزَلْتَ عَلَى عَبْدِكَ مُوسَى أَنْ نُعْتِقَ أَرِقَّاءَنَا، وَإِنَّا عَبِيدُكَ وَأَرِقَّاؤُكَ, فَأَوْجِبْ لَنَا عِتْقَنَا، قَالَ: فَأَوْحَى إِلَى النَّبِيِّ أَنَّهُ قَدْ قَبِلَ مِنْهُمْ، وَعَفَا عَنْهُمْ.

الصفحة 194