كتاب التوكل على الله عز وجل لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

13 - حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ، حدثني يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَصَرِيُّ, حَدَّثَتْنِي امْرَأَةُ خُلَيْدٍ الْعَصَرِيِّ، عَنْ خُلَيْدٍ، قَالَتْ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَا مِنْ عَبْدٍ أَلْجَأَتْهُ حَاجَةٌ، فَأَخَذَ بِأَمَانَتِهِ تَوَكُّلاً عَلَى رَبِّهِ جل اسمه، ثُمَّ أَنْفَقَهُ عَلَى أَهْلِهِ فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ، فَأَدْرَكَهُ الْمَوْتُ وَلَمْ يَقْضِهِ، إِلاَّ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِمَلاَئِكَتِهِ: عَبْدِي هَذَا أَلْجَأَتْهُ حَاجَةٌ، فَأَخَذَ بِأَمَانَتِهِ تَوَكُّلاً عَلَيَّ، وَثِقَةً بِي، فَأَنْفَقَهُ عَلَى أَهْلِهِ فِي غَيْرِ سَرَفٍ، أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ قَضَيْتُ دَيْنَهُ، وَأَرْضَيْتُ هَذَا مِنْ حَقِّهِ.
14 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حدثني عَبْدُ اللهِ بْنُ غَالِبٍ, مَوْلَى الرَّبِيعِ بْنِ صَبِيحٍ, حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ صَبِيحٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: الْعِزُّ وَالْغِنَى يَجُولاَنِ فِي طَلَبِ التَّوَكُّلِ، فَإِذَا ظَفِرَا أَوْطَنَا.
15 - حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ، حَدَّثَنَا الْفَيْضُ بْنُ إِسْحَاقَ، قَالَ: قُلْتُ لِلْفُضَيْلِ: تَحُدُّ لِي التَّوَكُّلَ؟ قَالَ: آهٍ، كَيْفَ تَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ، وَأَنْتَ يَخْتَارُ لَكَ، فَتَسْخَطُ قَضَاءَهُ، أَرَأَيْتَ لَوْ دَخَلْتَ بَيْتَكَ، فَوَجَدْتَ امْرَأَتَكَ قَدْ عَمِيَتْ، وَابْنَتُكَ قَدْ أُقْعِدَتْ، وَأَنْتَ قَدْ أَصَابَكَ الْفَالِجُ، كَيْفَ كَانَ رِضَاكَ بِقَضَائِهِ؟ قُلْتُ: كُنْتُ أَخَافُ أَلاَّ أَصْبِرَ, قَالَ: فَكَيْفَ لاَ، حَتَّى يَكُونَ عِنْدَكَ وَاحِدًا تَرْضَى مَا صَنَعَ فِي الْعَافِيَةِ وَالْبَلاَءِ، لاَ تَسْخَطُ عَلَى مَا زَوَى عَنْكَ، وَتَثِقُ بِمَا آتَاكَ, قَالَ: ثُمَّ ذَكَرَ رَجُلاً قَدْ سَمَّاهُ قَالَ: إِنِّي لَأَكْرَهُ أَنْ أَقُولَ فِي سُجُودِي: عَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ.
16 - حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ مِسْعَرٍ، عَنْ مَعْنٍ، عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: بَيْنَا رَجُلٌ فِي بُسْتَانٍ بِمِصْرَ فِي فِتْنَةِ آلِ الزُّبَيْرِ مُكْتَئِبًا، مَعَهُ شَيْءٌ يَنْكُتُ بِهِ فِي الأَرْضِ، إِذْ رَفَعَ رَأْسَهُ، فَسَنَحَ لَهُ صَاحِبُ مِسْحَاةٍ، فَقَالَ لَهُ: يَا هَذَا، مَا لِي أَرَاكَ مُكْتَئِبًا حَزِينًا؟ قَالَ: فَكَأَنَّهُ ازْدَرَاهُ, فَقَالَ: لاَ شَيْءَ, فَقَالَ صَاحِبُ الْمِسْحَاةِ: أَلِلدُّنْيَا؟ فَإِنَّ الدُّنْيَا عَرَضٌ حَاضِرٌ، يَأْكُلُ مِنْهَا الْبَرُّ وَالْفَاجِرُ، وَالآخِرَةُ أَجْلٌ صَادِقٌ، يَحْكُمُ فِيهَا مَلِكٌ قَادِرٌ، يَفْصِلُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، حَتَّى ذَكَرَ أَنَّ لَهَا مَفَاصِلَ كَمَفَاصِلِ اللَّحْمِ، مَنْ أَخْطَأَ شَيْئًا أَخْطَأَ الْحَقَّ, فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ مِنْهُ كَأَنَّهُ أَعْجَبَهُ, قَالَ: فَقَالَ: [اهتمامي] لِمَا فِيهِ الْمُسْلِمُونَ, قَالَ: فَإِنَّ اللَّهَ تعالى سَيُنَجِّيكَ بِشَفَقَتِكَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَسَلْ، مَنْ ذَا الَّذِي سَأَلَ اللَّهَ عز وجل فَلَمْ يُعْطِهِ، وَدَعَاهُ فَلَمْ يُجِبْهُ، وَتَوَكَّلَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَكْفِهِ، وَوَثِقَ بِهِ فَلَمْ يُنَجِّهِ, قَالَ: فَعَلَّقْتُ الدُّعَاءَ: فقلت: اللَّهُمَّ سَلِّمْنِي، وَسَلِّمْ مِنِّي، فَتَجَلَّتْ الفتنة، وَلَمْ يُصِبْ مِنْهُ أَحَدًا.
17 - حدثنا أحمد بن إبراهيم، حدثنا أبو إسحاق الطالقاني، أخبرنا زافر، عن أبي رجاء، عن عباد بن منصور قال: سئل الحسن عن التوكل فقال: الرضا عن الله عز وجل.

الصفحة 216