كتاب الجوع لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

54 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ أَبِي حَاتِمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ إِذَا تَغَدَّى وَتَعَشَّى دَعَا مَنْ حَوْلَهُ مِنَ الْيَتَامَى، فَتَغَدَّى ذَاتَ يَوْمٍ، فَأَرْسَلَ إِلَى يَتِيمٍ فَلَمْ يَجِدْهُ، وَكَانَتْ لَهُ سُوَيْقَةٌ مُحَلاَّةٌ يَشْرَبُهَا بَعْدَ غَدَائِهِ، فَجَاءَ الْيَتِيمُ وَقَدْ فَرَغُوا مِنَ الْغَدَاءِ, وَبِيَدِهِ السُّوَيِّقَةُ لِيَشْرَبَهَا، فَنَاوَلَهُ إِيَّاهَا، وَقَالَ: خُذْهَا, فَمَا أَرَاكَ غُبِنْتَ.
56 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عَتَّابُ بْنُ زِيَادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ، قَالَ: أَخْبَرَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ لاَحِقٍ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَفْصٍ، قَالَ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ لاَ يُحْبَسُ عَنْ طَعَامِهِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ مَجْذُومًا، وَلاَ أَبْرَصَ، وَلاَ مُبْتَلًى, حَتَّى يَقْعُدُوا مَعَهُ عَلَى مَائِدَتِهِ؛ فَبَيْنَمَا هُوَ يَوْمًا قَاعِدٌ عَلَى مَائِدَتِهِ، أَقْبَلَ مَولَيَانِ مِنْ مَوَالِي أَهْلِ الْمَدِينَةِ، فَرَحَّبُوا بِهِمَا, وَأَوسَعُوا لَهُمَا، فَضَحِكَ عَبْدُ اللهِ، فَأَنْكَرَ الْمَولَيَانِ ضَحِكَهُ، فَقَالاَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، ضَحِكْتَ أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ، فَمَا الَّذِي أَضْحَكَكَ؟ قَالَ: عَجِبْتُ مِنْ بَنِيَّ هَؤُلاَءِ الَّذِينَ تَدْمَى أَفْوَاهُهُمْ مِنَ الْجُوعِ, فَيُضَيِّقُونَ عَلَيْهِمْ, وَيَتَأَذَّوْنَ بِهِمْ، حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ قَدِرَ أَنْ يَأْخُذَ مَكَانَ اثْنَيْنِ فَعَلَ، تَأَذِّيًا بِهِمْ, وَتَضَيُّقًا عَلَيْهِمْ، وَجِئْتُمَا أَنْتُمَا قَدْ أَوفَرَا لَكُمَا مِنَ الزَّادِ, فَأَوْسَعُوا لَكُمَا وَحَيَّوكُمَا، [يُطْعِمُونَ بِطَعَامِهِمْ مِنْ لاَ يُرِيدُهُ، وَيَمْنَعُونَهُ مَنْ يُرِيدُهُ.

الصفحة 248