كتاب الجوع لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

243 - حَدَّثَنَي مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ الْجَوْهَرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعْدَانُ بْنُ جَامِعٍ الْجَلاَّبِ، عَنْ مِسْكِينٍ أَبِي فَاطِمَةَ، عَنْ صَالِحٍ الْمُرِّيِّ، قَالَ: قُلْتُ لِعَطَاءٍ السَّلِيمِيِّ: إِنَّكَ قَدْ ضَعُفْتَ, فَلَوْ صَنَعْنَا لَكَ سَوِيقًا؟ قَالَ: فَصَنَعْتُ لَهُ سَوِيقًا، فَشَرِبَ مِنْهُ شَيْئًا، ثُمَّ مَكَثَ أَيَّامًا لاَ يَشْرَبُ، فَقُلْتُ: صَنَعْنَا لَكَ السَّوِيقَ وَتَكَلَّفْنَاهُ؟ فَقَالَ: يَا أَبَا بِشْرٍ، إِنِّي إِذَا ذَكَرْتُ النَّارَ لَمْ أُسِغْهُ.
244 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعُمَرِيُّ يَقُولُ: قَالَ رَجُلٌ لِعِيسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَوْصِنِي، قَالَ: انْظُرْ خُبْزَكَ مِنْ أَيْنَ هُوَ؟.
245 - قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ تَمِيمٍ، قَالَ: قَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَدْهَمَ: أَطِبْ مَطْعَمَكَ، وَلاَ عَلَيْكَ أَلاَّ تَقُومَ مِنَ اللَّيْلِ وَتَصُومَ النَّهَارَ.
246 - قَالَ مُحَمَّدٌ: حَدَّثَنِي حَكِيمُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللهِ الْبَرَاثِيَّ، يَقُولُ: قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ: انْظُرُوا الْخُبْزَ الَّذِي يَدْخُلُ بُطُونَكُمْ مِنْ أَيْنَ سَبِيلُهُ.
247 - قَالَ مُحَمَّدُ: وَحَدَّثَنِي الصَّلْتُ بْنُ حَكِيمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْمُخَوَّلِيَّ، يَقُولُ: إِذَا جَاعَ الْعَبْدُ صَفَا بَدَنُهُ، وَرَقَّ قَلْبُهُ، وَهَطَلَتْ دَمْعَتُهُ، وَأَسْرَعَتْ إِلَى الطَّاعَةِ أَطْوَارُهُ وَجَوَارِحُهُ، وَعَاشَ فِي الدُّنْيَا كَرِيمًا، ثُمَّ قَالَ: سَوْءَةً لِمَنْ آثَرَ بَطْنَهُ عَلَى دِينِهِ, سَوْءَةً، ثُمَّ سَوْءَةً.
- قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: دَعَانِي مَرَّةً بَعْضُ أَصْحَابِي إِلَى طَعَامٍ، فَكَلَّمَتُ بَطْنِي، فَقُلْتُ: كُفِّ عَنِّي كَلْبَكَ مَرَّتِي هَذِهِ، قَالَ: فَفَعَلَتْ، قَالَ: وَدَعَانِي آخَرُ مَرَّةً أُخْرَى، فَدَعَتْنِي نَفْسِي إِلَى إِتْيَانِهِ، فَقُلْتُ: اجْعَلِي هَذِهِ الْمَرَّةَ بِمَنْزِلَةِ الْمَرَّةِ الَّتِي مَضَتْ؛ هَلْ تَجِدِينَ مِنْ لَذَّةِ ذَلِكَ شَيْئًا لَوْ كُنْتِ فَعَلْتِ؟ قَالَ: فَلَمْ أَزَلْ أُعَلِّلُهَا, حَتَّى هَدَأَتْ وَسَكَنَتْ. قَالَ: ثُمَّ دَعَانِي أَخٌ لِي أَيْضًا، فَقَالَتْ: هَذَا أَخُوكَ، ولَهُ عَلَيْكَ حَقَّانِ: حَقُّ الأُخُوَّةِ، وَحَقُّ الإِجَابَةِ، ائْتِهِ فَهُوَ أَقْرَبُ لَكَ إِلَى اللهِ, وَأَدْوَمُ لِأُخَوَّتِهِ. فَقُلْتُ: وَيْحَكِ، دَعِي عَنْكِ التَّأَنِّيَ لِلِاتِّصَالِ بِمَحَبَتِكِ، فَوَاللَّهِ لَوْ قَدْ وَرَدَتِ الْقِيَامَةَ اغْتَبَطَتْ إِنَّ شَاءَ اللَّهُ بِقِلَّةِ الطُّعْمِ وَتَرَكِ الشَّهَوَاتِ.

الصفحة 287