كتاب الجوع لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل
قَالَ: فَجَمَحَتْ وَاللَّهِ عَلَيَّ وَأَبَتْ، وَقَالَتْ: إِنْ كَانَ هَذَا دَأْبُكَ, فَمَا أَرَاكَ إِلاَّ سَتَقْتُلُنِي، انْهَضْ إِلَى أَخِيكَ. قَالَ: فَنَهَضْتُ، وَاللَّهِ وَكَأَنِّي أُجَرُّ عَلَى وَجْهِي فَأَتَيْتُ الْقَوْمَ، وَقَدْ فَرَغُوا مِنْ طَعَامِهِمْ. فَقَالَ صَاحِبُ الطَّعَامِ: اقْعُدْ رَحِمَكَ اللَّهُ. وَنَهَضَ لِيَتَكَلَّفَ لِي، فَقُلْتُ: اقْعُدْ، وَاللَّهِ لاَ أَطْعَمُ الْيَوْمَ هَاهُنَا شَيْئًا. قَالَ: ثُمَّ دَعَوْتُ بِخَيْرٍ وَقُمْتُ. فَقُلْتُ لَهَا لَمَّا خَرَجْتُ: أَرْغَمَ اللَّهُ أَنْفَكَ، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يُهَيِّئْ لَكِ مَا أَرَدْتِ. قَالَ: فَقَالَتْ: أَجَلْ وَاللَّهِ، إِذَا جَلَسْتَ تُفَكِّرُ، يَأْكُلُ الْقَوْمُ وَيَنْصَرِفُونَ. قُلْتُ: وَيْلَكَ وَكَيْفَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُؤْمِنُ إِلاَّ مُفَكِّرًا، خَائِفًا، حَذِرًا مِنْ أَعْدَائِهِ، مِنْكِ وَمَنِ أَعْدَائِكِ. مَا يَبْلُغُ الْعَدُوُّ الْكَلْبُ مَا تَبْلُغُ النَّفْسُ مِنْكَ يَا ابْنَ آدَمَ.
248 - قَالَ مُحَمَّدُ: حَدَّثَنِي الصَّلْتُ بْنُ حَكِيمٍ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ الْمُخَوَّلِيَّ يَقُولُ: الْقَلْبُ الْجَائِعُ قَرِيبُ مِنَ اللهِ جَلَّ وَعَزَّ، بَعِيدٌ مِنَ الشَّيْطَانِ، قَرِيبٌ مِنَ الْخَيْرِ، بَعِيدٌ مِنَ الشَّرِّ، قَرِيبٌ مِنَ الْحَسَنَاتِ، بَعِيدٌ مِنَ السَّيِّئَاتِ، قَرِيبٌ مِنَ الأُلْفَةِ، بَعِيدٌ مِنَ الآفَةِ، قُلْتُ: مَا قَرِيبٌ مِنَ الأُلْفَةِ, بَعِيدٌ مِنَ الآفَةِ؟ قَالَ: إِذَا مَرَّ بِمَجَالِسِ الذِّكْرِ أَلِفَ أَهْلَهَا فَجَلَسَ إِلَيْهِمْ، وَإِذَا مَرَّ بِمَجَالِسِ السُّوءِ، وَهِيَ الآفَةُ هَرَبَ مِنْهَا.
249 - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الْمَدَنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ أبي كَعْبٍ الْحَرِيرِيِّ، قَالَ: كَانَ يُطْعَمُ فِي مَطْبَخِ دَاوُدَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَبْعُونَ كُدًى مِنَ النَّقِيِّ، وَيَأْكُلُ هُوَ خُبْزَ الشَّعِيرِ مِنْ خُوصٍ يُعَالِجُهُ بِيَدِهِ.
الصفحة 288
630