كتاب الجوع لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

295 - حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: حَدَّثَتْنِي أُمِّي، قَالَتْ: قَالَ لِي أَبُوكَ يَوْمًا: أَشْتَهِي لَبَنًا بِخُبْزٍ ثَخِينٍ، قَالَتْ: فَهَيَّأْتُهُ لِفِطْرِهِ، فَوَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَإِذَا سَائِلٌ يَقُولُ: مَنْ يُقْرِضُ الْمَلِيءَ الْوَفِيَّ؟ قَالَتْ: يَقُولُ أَبُوكَ: عَبْدُهُ الْمُعْدَمُ مِنَ الْحَسَنَاتِ، قَالَتْ: ثُمَّ أَخَذَ الصُّحْفَةَ، فَخَرَجَ بِهَا، فَدَفَعَهَا بِمَا فِيهَا إِلَى السَّائِلِ، وَبَاتَ لَيْلَتَهُ طَاوِيًا, فَقُلْتُ لَهُ فِي السَّحَرِ: أَلاَ آتِيكَ بِكِسْرَةٍ تُقِيمُ بِهَا صُلْبَكَ غَدًا؟ قَالَ: لاَ، مَا أَجِدُ إِلَى ذَلِكَ مِنْ حَاجَةٍ.
296 - حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ قَبِيصَةَ، قَالَ: حَدَّثَنِي صَاحِبٌ لَنَا, أَنَّ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ دَاوُدَ الطَّائِيَّ صَنَعْتُ لِدَاودَ الطَّائِيَّ ثَرِيدَةً بِسَمْنٍ، ثُمَّ بَعَثَتْ بِهَا إِلَيْهِ حِينَ إِفْطَارِهِ مَعَ جَارِيَةٍ لَهَا، وَكَانَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُمْ رَضَاعٌ، قَالَتِ الْجَارِيَةُ: فَأَتَيْتُهُ بِالْقَصْعَةِ، فَوَضَعْتُهَا بَيْنَ يَدَيْهِ فِي الْحُجْرَةِ، قَالَتْ: فَتَهَيَّأَ لِيَأْكُلَ مِنْهَا، فَجَاءَ سَائِلٌ، فَوَقَفَ عَلَى الْبَابِ، فَقَامَ إِلَيْهِ، فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، وَجَلَسَ مَعَهُ عَلَى الْبَابِ, حَتَّى أَكَلَهَا، قَالَ: ثُمَّ دَخَلَ، فَغَسَلَ الْقَصْعَةَ، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى تَمْرٍ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ، قَالَتِ الْجَارِيَةُ: ظَنَنْتُ أَنَّهُ كَانَ أَعْدَهُ لِعَشَائِهِ، فَوَضَعَهُ فِي الْقَصْعَةِ, وَدَفَعَهُ إِلَيَّ، وَقَالَ: أَقْرِئْهَا السَّلاَمَ، قَالَتِ الْجَارِيَةُ: دَفَعَ إِلَى السَّائِلُ مَا جِئْنَا بِهِ، وَدَفَعَ إِلَيْنَا مَا أَرَادَ أَنْ يُفْطِرَ عَلَيْهِ، قَالَتْ: وَأَظُنُّهُ مَا بَاتَ إِلاَّ طَاوِيًا, قَالَ قَبِيصَةُ: كُنْتُ أَرَاهُ قَدْ نَحَلَ جِدًّا.
297 - حَدَّثَنِي أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ أَبِي حَنِيفَةَ، أَنَّ دَاوُدَ الطَّائِيَّ كَانَتْ تَخْدِمُهُ امْرَأَةٌ، قَالَتْ لَهُ: لَوْ طَبَخْتُ لَكَ دَسَمًا, فَتَأْكُلَهُ؟ قَالَ: وَدِدْتُ، قَالَ: فَطَبَخَتْ لَهُ دَسَمًا، وَجَاءَتْ بِهِ، فَقَالَ لَهَا: مَا فَعَلَ أَيْتَامُ بَنِي فُلاَنٍ؟ قَالَتْ: عَلَى حَالِهِمْ، قَالَ: اذْهَبِي بِهِ إِلَيْهِمْ، قَالَتْ: فَدَيْتُكَ أَنْتَ لَمْ تَأْكُلْ أُدْمًا مُنْذُ كَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: إِنَّ هَذَا إِذَا أَكَلُوهُ كَانَ لَنَا عِنْدَ اللهِ مَدْخُورًا، وَإِذَا أَكَلْتُهُ كَانَ فِي الْحُشِّ.

الصفحة 299