كتاب ذم البغي لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

13 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: بَلَغَ مِنْ بَغْيِ (1) إِيَادِ بْنِ نِزَارٍ عَلَى مُضَرَ وَرَبِيعَةَ ابْنَيْ نِزَارٍ أَنَّهُ كَانَ يُولَدُ لِإِيَادٍ أَكْثَرُ مِنْ عِشْرِينَ مَوْلُودًا، وَلاَ يُولَدُ لِرَبِيعَةَ وَمُضَرَ فِي الشَّهْرِ إِلَّا وَاحِدًا، وَكَثُرَتْ إِيَادٌ وَزَلُّوا حَتَّى مَلَأُوا تِهَامَةَ، قَالَ: فَبَلَغَ مِنْ بَغْيِهِمْ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ يَضَعُ سَهْمَهُ عَلَى بَابِ الرَّبْعِيِّ وَالْمُضَرِيِّ، فَيَكُونُ الْإِيَادِيُّ أَحَقَّ بِمَسِّهِ مِنْهُ. قَالَ: وَكَانَ مِنْهُمْ شَيْخٌ قَدْ أُمْهِلَ فِي الْعُمُرِ، وَكَانَ يَكْرَهُ كَثِيرًا مِمَّا يَصْنَعُونَ، فَقَالَ لَهُمْ: يَا قَوْمِ، إِنَّكُمْ وَاللَّهِ مَا لَكُمْ عَلَى إِخْوَانِكُمْ فَضْلٌ فِي النَّسَبِ، إِنَّ الْأَبَ لَوَاحِدٌ، وَإِنَّ الْأُمَّ لَوَاحِدَةٌ، وَلَكِنَّكُمْ أَكْثَرُ عَدَدًا وَسَرَفًا، فَانْتَهُوا؛ فَإِنِّي أَخَافُ أَنْ يُنْزِلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيكُمْ نِقْمَةً، قَالَ: فَتَمَادَوْا، فَسَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ دَاءً يُقَالُ لَهُ: النِّخَاعُ، فَجَعَلَ يَقَعُ فِيهِمْ، فَيَمُوتُ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ عَالَمٌ.
__________
(1) البغي: الظلم والتعدي.
14 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ عَمِيرَةَ بْنِ بَحُوشٍ الْكِنْدِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: فَسُمِعَ مُنَادٍ يُنَادِي فِي بَعْضِ اللَّيْلِ: يَا مَعْشَرَ إِيَادٍ قَدْ عَنِتُّمْ فِي الْفَسَادِ، فَالْحَقُوا بِأَرْضٍ سَدَادِ، فَلَيْسَ إِلَى تِهَامَةَ مِنْ مُعَادِ. فَقَالَ لَهُمُ الشَّيْخُ: قَدْ نَهَيْتُكُمْ، فَوَاللَّهِ لاَ يَزَالُ هَذَا الْبَلاَءُ فِيكُمْ، وَتَلْحَقُوا خِبَّ أَمْرٍ، ثُمَّ قَالَ: فَخَرَجُوا مِنْ تِهَامَةَ فَافْتَرَقُوا ثَلاَثَ فِرَقٍ، فَنَزَلَتْ فِرْقَةٌ مَعَ بَنِي أَسَدِ بْنِ حَرَامَةَ بِذِي طُوًى، وَهِيَ أَقَلُّ الْفِرَقِ، وَافْتَرَقَتْ فِرْقَةٌ أُخْرَى فَلَحِقُوا بِعَيْنِ أَبَاغٍ، وَهِيَ أَكْثَرُ الْفَرِيقَيْنِ، وَرَحَلَ الْجُمْهُورُ الْآخَرُ حَتَّى نَزَلُوا سِنْدًا. فَرُفِعَ ذَلِكَ الْبَلاَءُ عَنْهُمْ، وَزَبَلُوا هُنَاكَ وَكَثُرُوا، فَمَكَثُوا فِي ذَلِكَ لِلْعَدَدِ حَتَّى غَزَاهُمْ أَنُوشُرْوَانُ بْنُ قِبَادٍ فِي سَامُرَّاتَةَ، فَأَبَادَهُمْ.

الصفحة 419