كتاب ذم البغي لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

15 - حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْمَعْرُوفُ بْنُ خَرْبُوذٍ، قَالَ: كَانَتْ بَنُو سَهْمِ بْنِ عَمْرٍو أَعَزَّ أَهْلِ مَكَّةَ، وَأَكْثَرَ عَدَدًا، وَكَانَتْ لَهُمْ صَخْرَةٌ عِنْدَ الْجَبَلِ الذي يُقَالُ لَهُ: مُسْلِمٌ. فَكَانُوا إِذَا أَرَادُوا أَمْرًا نَادَى مُنَادِيهِمْ: يَا صَبَاحَاهُ، وَيَقُولُونَ: أَصْبَحَ لَيْلٌ، فَتَقُولُ قُرَيْشٌ: مَا لِهَؤُلاَءِ الْمَيَاشِيمِ، مَا يُرِيدُونَ؟ وَكَانُوا يُسَمَّوْنَ بِهِمْ. وَكَانَ مِنْهُمْ قَوْمٌ يُقَالُ لَهُمْ: بَنِي الْعَيْطَلَةِ، وَكَانَ الشَّرَفُ وَالْبَغْيُ (1) فِيهِمْ، وَهِيَ الْعَيْطَلَةُ بِنْتُ مَالِكِ بْنِ الْحَارِثِ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ، ثُمَّ مِنْ بَنِي سَبُوقِ بْنِ مُرَّةَ. تَزَوَّجَهَا قَيْسُ بْنُ عَدِيِّ بْنِ سَعْدِ بْنِ سَهْمٍ، فَوَلَدَتْ لَهُ الْحَارِثَ وَحُذَافَةَ، وَكَانَ فِيهِمُ الْغَدْرُ وَالْبَغْيُ. فَقَتَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ حَيَّةً فَأَصْبَحَ مَيِّتًا عَلَى فِرَاشِهِ، قَالَ: فَغَضِبُوا فَقَامُوا إِلَى كُلِّ حَيَّةٍ فِي الدَّارِ فَقَتَلُوهَا، فَأَصْبَحَ عِدَّتُهُمْ مَوْتَى عَلَى فُرُشِهِمْ، فَتَتَبَّعُوهُمْ فِي الْأَوْدِيَةِ وَالشِّعَابِ فَقَتَلُوهُمْ، فَأَصْبَحُوا وَقَدْ مَاتَ مِنْهُمْ بِعِدَّةِ مَنْ قَتَلُوا مِنَ الْحَيَّاة، فَصَرَخَ صَارِخٌ مِنْهُمُ: ابْرُزُوا لَنَا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ، قَالَ: وَهَتَفَ هَاتِفٌ فَقَالَ:
قَالَ سَهْمٌ: قَتَلْتُمْ عُتُوًّا فَصِحْنَاكُمْ بِمَوْتٍ ذَرِيعِ.
قَالَ سَهْمٌ: كَثُرْتُمْ فَبَطَرْتُمْ وَالْمَنَايَا تَنَالُ كُلَّ رَفِيعِ.
قَالَ: فَنَزَعُوا، فَكَفُّوا وَقَلُّوا.
__________
(1) البغي: الظلم والتعدي.
16 - قَالَ الْكَلْبِيُّ: فِيهِمْ نَزَلَتْ: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}، {حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} جَعَلُوا يَعُدُّونَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ قَالَ ابْنُ خَرْبُوذٍ: جَعَلُوا يَعُدُّونَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ أَيَّامَ الْحَيَّاتِ، وَهَذَا قَبْلَ الْوَحْيِ أَيَّامَ الْحَيَّاتِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ وَقَعَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ بَنِي عَبْدِ مَنَافِ بْنِ قُصَيٍّ شَرٌّ، فَقَالُوا: نَحْنُ أَعَدُّ مِنْكُمْ، فَجَعَلُوا يَعُدُّونَ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ بِالْحَيَّاتِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِيهِمْ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

الصفحة 420