كتاب ذم البغي لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

17 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ الْمَوْهِبِيُّ، عَنْ شَيْخٍ، مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ مِنْ بَنِي جُمَحَ، عَنْ أَشْيَاخِهِ، قَالَ: كَانَ أَوَّلُ مَنْ أَهْلَكَهُ الْبَغْيُ (1) بِمَكَّةَ مِنْ قُرَيْشٍ بَنُو السَّبَّاقِ بن عَبْدِ الدَّارِ، فَلَمَّا طَالَ بَغْيُهُمْ سَمِعُوا صَوْتًا مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ عَلَى أَبِي قُبَيْسٍ يَقُولُ:
أَبْطَرَ الْبَغْيُ بَنِي السَّبَّاقِ إِنَّهُمُ عَمَّا قَلِيلٍ فَلاَ عَيْنٌ وَلاَ أَثَرُ.
هَذِي إِيَادٌ وَكَانُوا أَهْلَ مَأْثُرَةٍ فَأُهْلِكَتْ إِذْ بَغَتْ ظُلْمًا عَلَى أَثَرِ.
فَمَكَثُوا سَنَةً ثُمَّ هَلَكُوا، فَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ عَيْنٌ وَلاَ أَثَرٌ، إِلَّا رَجُلًا وَاحِدًا بِالشَّامِ لَهُ عَقِبٌ.
__________
(1) البغي: الظلم والتعدي.
18 - حَدَّثَنِي الْعَبَّاسُ بْنُ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَعْرُوفِ بْنِ خَرْبُوذٍ، قَالَ: بَغَى بَعْدَهُمْ بَنُو السُّبَيْعَةِ وَهِيَ السُّبَيْعَةُ بِنْتُ اللَّاحِبِ بْنِ دَبْنَبَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ نَصْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بْنِ بَكْرِ بْنِ هَوَازِنَ، تَزَوَّجَهَا عَبْدُ مَنَافِ بْنُ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ، فَوَلَدَتْ خَالِدًا وَهُوَ السُّوفِيُّ مِنْ وَلَدِهِ أَبُو الْعَشَمِ. وَكَانَ السُّوفِيُّ عَارِمًا، صَاحِبَ بَغْيٍ وَشَرٍّ. وَكَانَ أَبُو الْعَشَمَالِيِّينَ حَلَّ ذِرَاعَ الْعَامِرِيَّةِ بِعُكَاظَ. قَالَ: فَكَثُرَ بَغْيُهُمْ، فَسَمِعُوا صَوْتًا بِاللَّيْلِ عَلَى جَبَلٍ مِنْ جِبَالِ مَكَّةَ يَقُولُ:
قُلْ لِبَنِي السُّبَيْعَةِ قَدْ بَغَيْتُمْ فَذُوقُوا غِبَّ ذَلِكَ عَنْ قَلِيلِ.
كَمَا ذَاقَتْ بَنُو السَّبَّاقِ لَمَّا بَغَوْا وَالْبَغْيُ مَأْكَلُهُ وَبِيلُ.
قَالَ: فَتَنَاهَوْا عَنْ ذَلِكَ فَلَهُمْ بَقِيَّةٌ. وَلِخَالِدٍ تَقُولُ أُمُّهُ السُّبَيْعَةُ:
أَبُنَيَّ لاَ تَظْلِمْ بِمَكَّةَ لاَ الصَّغِيرَ وَلاَ الْكَبِيرْ.

الصفحة 421