كتاب ذم البغي لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

21 - حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى الْأُمَوِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَلِيُّ بْنُ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ مَعْمَرِ بْنِ الْمُثَنَّى قَالَ: كَانَ أَوَّلُ بَغْيٍ كَانَ فِي قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ أَنَّ الْمَقَايِيسَ وَهُمْ بَنُو قَيْسٍ مِنْ بَنِي سَهْمٍ تَبَاغَوْا فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَأْرَةً عَلَى ذُبَالَةٍ فِيهَا نَارٌ فَجَرَّتْهَا إِلَى خِيَامٍ لَهُمْ فَاحْتَرَقُوا. ثُمَّ كَانَ ظُلْمُ وَبَغْيُ بَنِي السَّبَّاقِ بْنِ عَبْدِ الدَّارِ بْنِ قُصَيٍّ، فَبَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْفَنَاءَ، فَقَالَتْ سُبَيْعَةُ بِنْتُ لاَحِبِ بْنِ دَبْنَبَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ عَوْفِ بْنِ نَصْرِ بْنِ مُعَاوِيَةَ
وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: بِنْتُ الْأَحَبِّ بْنِ دَبْنَبَةَ، وَكَانَتْ عِنْدَ عَبْدِ مَنَافِ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيمِ بْنِ مُرَّةَ، فقَالَتْ لِابْنٍ لَهَا، يُقَالُ لَهُ خَالِدٌ، وَكَانَ بِهِ رَهَقٌ، فَحَذَّرَتْهُ مَا لَقِيَ الْمَقَايِيسُ وَبَنُو السَّبَّاقِ:
أَبُنَيَّ لاَ تَظْلِمْ بِمَكَّةَ لاَ الصَّغِيرَ وَلاَ الْكَبِيرْ
وَاحْفَظْ مَحَارِمَهَا وَلاَ يَغْرُرْكَ بِاللَّهِ الْغَرُورْ
أَبُنَيَّ مَنْ يَظْلِمْ بِمَكَّةَ يَلْقَ أَطْرَافَ الشُّرُورْ
وَاللَّهُ آمَنَ وَحْشَهَا وَالطَّيْرُ يُعْقَلُ فِي ثَبِيرْ
وَلَقَدْ أَتَاهُمْ تُبَّعٌ وَكَسَا بِنْيَتَهَا الْحَبِيرْ
وَالْفِيلُ أَهْلَكَ حَبَشَهُ يُرْمَوْنَ فِيهَا بِالصُّخُورْ
فَاسْمَعْ إِذَا جَرَّبْتَ وَافْهَمْ كَيْفَ عَاقِبَةُ الْأُمُورْ.
22 - وَقَالَتْ فِي هِلاَلِ بْنِ قَيْسٍ السَّهْمِيِّينَ تُخَاطِبُ ابْنَهَا خَالِدًا:
أَلاَ لَيْتَ شِعْرِي عَنْ مَقِيسٍ وَأَهْلِهَا أَأَفْلَتَ مِنْهُمْ فِي الْمَحَلَّةِ وَاحِدُ
أَمِ الدَّارُ لَمْ تُخْطِئْ مِنَ الْقَوْمِ وَاحِدًا وَكُلُّهُمُ ثَاوٍ إِلَى التُّرَابِ خَالِدُ
لَعَمْرُكَ لاَ أَنْفَكُّ أَبْكِيكُمْ بِهَا حَيَاتِيَ مَا عِشْنَا وَلَلشَّرُّ زَائِدُ
قَالَ: وَزَادَنَا الْفَضْلُ بْنُ غَانِمٍ، عَنْ سَلَمَةَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ:
وَكُلُّهُمْ قَدْ كَانَ دُنْيَا لِقَوْمِهِ وَكُلُّهُمْ لَوْ عَاشَ فِي النَّاسِ وَالِدُ.
23 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادِ بْنِ مُوسَى قَالَ: أَخْبَرَنَا عَمِّي خَلِيفَةُ بْنُ مُوسَى، عَنْ شَرْقِيِّ بْنِ الْقُطَامِيِّ، قَالَ: قَالَ صَيْفِيُّ بْنُ رَبَاحٍ التَّمِيمِيُّ لِبَنِيهِ: يَا بَنِيَّ اعْلَمُوا أَنَّ أَسْرَعَ الْجُرْمِ عُقُوبَةً الْبَغْيُ، وَشَرَّ النُّصْرَةِ التَّعَدِّي، وَأَلْأَمُ الْأَخْلاَقِ الضِّيقُ، وَأَسْوَأَ الْأَدَبِ كَثْرَةُ الْعِتَابِ.
24 - حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مَعْقِلُ بْنُ مَعْقِلٍ، قَالَ: كَانَ جَدِّي مُعَاوِيَةُ بْنُ سُوَيْدٍ الْمُزَنِيُّ مِنْ أَوْسَعِ مَنْ بَنَى دَارًا، وَكَانَ رَجُلًا لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ. قَالَ: وَكَانَ لِابْنِ عَمِّهِ عَمْرِو بْنِ النُّعْمَانِ بْنِ مُقَرِّنٍ وَلَدٌ، وَكَانَتِ الدَّارُ بَيْنَهُمَا، فَمَرِضَ مُعَاوِيَةُ مَرَضًا شَدِيدًا، فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَمْرٌو، ثُمَّ خَرَجَ وَهُوَ يَقُولُ: يَمُوتُ مُعَاوِيَةُ وَلاَ وَلَدَ لَهُ، فَأَكْسَرُ هَذَا الْحَائِطَ؛ فَأَكُونُ أَوْسَعَ مَدَنِيٍّ خَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ دَارًا، فَقَالَ مُعَاوِيَةُ:
أَلاَ ذَاكُمْ مَوْلًى لِلْكَلاَلَةِ تَرْتَجِي وَفَاتِي وَإِنْ أَهْلِكْ فَلَيْسَ بِخَالِدِ
يُؤَمَّلُ مَوْتِي فِي الصُّرُوفِ وَلَمْ أَكُنْ لَهُ قَبْلَ مَوْتِي فِي الْحَيَاةِ بِحَامِدِ
فَلَوْ مَاتَ قَبْلِي لَمْ أَرِثْهُ وَإِنْ أَمُتْ فَلَسْتُ عَلَى خَيْرٍ أَتَاهُ بِحَاسِدِ
إِذَا أَنَا دَلَّانِي الَّذِينَ أُحِبُّهُمْ بِمَلْحُودَةٍ زَلْخٍ وَوَسَّدْتُ سَاعِدِي
يَقُولُونَ لاَ تَبْعِدْ وَهُمْ يَدْفِنُونَنِي وَقَدْ أَنْزَلُونِي مَنْزِلَ الْمُتَبَاعِدِ
فَقَامَ مِنْ مَرَضِهِ ذَلِكَ، وَوُلِدَ لَهُ، فَلَمْ يَرِثْهُ ذَلِكَ.

الصفحة 423