كتاب ذم البغي لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

26 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي رَجَاءٍ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ قَالَ: قَالَ دِهْقَانُ لِأَسَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَهُوَ عَلَى خُرَسَانَ، وَمَرَّ بِهِ وَهُوَ يَدْهَقُ فِي حَبْسِهِ: إِنْ كُنْتَ تُعْطِي لِتَرْحَمَ، فَارْحَمْ مَنْ تَظْلِمُ، إِنَّ السَّمَوَاتِ تَنْفَرِجُ لِدَعْوَةِ الْمَظْلُومِ؛ فَاحْذَرْ مَنْ لَيْسَ لَهُ نَاصِرٌ إِلَّا اللَّهُ، وَلاَ جُنَّةَ لَهُ إِلَّا الثِّقَةُ بِنُزُولِ التَّغَيُّرِ، وَلاَ سِلاَحَ لَهُ إِلَّا الِابْتِهَالُ إِلَى مَنْ لاَ يُعْجِزُهُ شَيْءٌ، يَا أَسَدُ، إِنَّ الْبَغْيَ يَصْرَعُ أَهْلَهُ، وَالْبَغْيُ مَصْرَعُهُ وَخِيمٌ، فَلاَ تَغْتَرَّ بِإِبْطَاءِ الْغِيَاثِ مِنْ نَاصِرٍ مَتَى شَاءَ أَنْ يُغِيثَ أَغَاثَ. وَقَدْ أَمْلَى لِقَوْمٍ كَيْ يَزْدَادُوا إِثْمًا، وَجَمِيعُ أَهْلِ السَّعَادَةِ إِمَّا تَارِكٌ سَالِمٌ مِنَ الذَّنْبِ، وَإِمَّا تَارِكُ الْإِصْرَارِ، وَمَنْ رَغِبَ عَنِ التَّمَادِي فَقَدْ نَالَ إِحْدَى الْغَنِيمَتَيْنِ، وَمَنْ خَرَجَ مِنَ السَّعَادَةِ فَلاَ غَايَةَ إِلَّا الشَّقَاوَةُ.
27 - قَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ فِيمَا أَجَازَ لِي: حَدَّثَنِي أَخِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبَّاسُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، قَالَ: سَابَقَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِالْخَيْلِ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ فِيهَا فَرَسٌ لِمُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، وَفَرَسٌ لِإِنْسَانٍ جَعْدِيٍّ، فَنَظَرُوا الْخَيْلَ حِينَ جَاءَتْ، فَإِذَا فَرَسُ الْجَعْدِيِّ مُتَقَدِّمٌ، فَجَعَلَ الْجَعْدِيُّ يَرْتَجِزُ بِأَبْعَدِ صَوْتِهِ:
غَايَةُ مَجْدٍ نُصِبَتْ يَا مِنْ لَهَا
نَحْنُ حَوَيْنَاهَا وَكُنَّا أَهْلَهَا
لَوْ تُرْسِلُ الطَّيْرَ لَجِئْنَا قَبْلَهَا
فَلَمْ يَنْشَبْ أَنْ لَحِقَهُ فَرَسُ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ وَجَاوَزَهُ فَجَاءَ سَابِقًا. فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ لِلْجَعْدِيِّ: سَبَقَكَ وَاللَّهِ ابْنُ السَّبَّاقِ إِلَى الْخَيْرَاتِ.

الصفحة 426