كتاب التهجد وقيام الليل لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

43 - حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ عِيسَى بْنِ ضِرَارٍ، قَالَ: وَحَدَّثَنِي هِلاَلُ بْنُ دَارِمِ بْنِ قَيْسٍ، حَدَّثَتْنِي عَجُوزٌ كَانَتْ تَكُونُ مَعَهُ فِي الدَّارِ قَالَتْ: فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ إِذَا دَعَا فِي السَّحَرِ يَقُولُ: قَامَ الطَّالِبُونَ وَقُمْتُ مَعَهُمْ، قُمْنَا إِلَيْكَ وَنَحْنُ مُتَعَرِّضُونَ لِجُودِكَ، وَكَمْ مِنْ ذِي جُرْمٍ عَظِيمٍ قَدْ صَفَحْتَ لَهُ عَنْ جُرْمِهِ، وَكَمْ مِنْ ذِي كَرْبٍ عَظِيمٍ قَدْ فَرَّجْتَ لَهُ عَنْ كَرْبِهِ، وَكَمْ مِنْ ذِي ضُرٍّ كَثِيرٍ قَدْ كَشَفْتَ لَهُ عَنْ ضُرِّهِ، فَبِعِزَّتِكَ مَا دَعَانَا إِلَى مَسْأَلَتِكَ بَعْدَ مَا انْطَوَيْنَا عَلَيْهِ مِنْ مَعْصِيَتِكَ إِلاَّ الَّذِي عَرَّفْتَنَا مِنْ جُودِكَ وَكَرَمِكَ، فَأَنْتَ الْمُؤَمَّلُ لِكُلِّ خَيْرٍ, وَالْمَرْجُوُّ عِنْدَ كُلِّ نَائِبَةٍ.
44 - وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، حَدَّثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ نُصَيْرٍ، حَدَّثَنِي سُهَيْلٌ، أَخُو حَزْمٍ الْقُطَعِيِّ، حَدَّثَنَا رَجَاءُ بْنُ مُسْلِمٍ الْعَبْدِيُّ، قَالَ: كُنَّا نَكُونُ مَعَ عَجَرَّدَةَ الْعَمِّيَّةِ فِي الدَّارِ، قَالَ: فَكَانَتْ تُحْيِي اللَّيْلَ صَلاَةً، قَالَ: وَرُبَّمَا كَانَتْ تَقُومُ مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ إِلَى السَّحَرِ، فَإِذَا كَانَ السَّحَرُ نَادَتْ بِصَوْتٍ لَهَا مَحْزُونٍ: إِلَيْكَ قَطَعَ الْعَابِدُونَ دُجَى اللَّيَالِي بِتَبْكِيرِ الدُّلَجِ إِلَى ظُلَمِ الأَسْحَارِ، يَسْتَبِقُونَ إِلَى رَحْمَتِكَ وَفَضْلِ مَغْفِرَتِكَ، فَبِكَ إِلَهِي لاَ بِغَيْرِكَ أَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَنِي فِي أَوَّلِ زُمْرَةِ السَّابِقِينَ إِلَيْكَ، وَأَنْ تَرْفَعَنِي إِلَيْكَ فِي دَرَجَةِ الْمُقَرَّبِينَ، وَأَنْ تُلْحِقَنِي بِعِبَادِكَ الصَّالِحِينَ، فَأَنْتَ أَكْرَمُ الْكُرَمَاءِ، وَأَرْحَمُ الرُّحَمَاءِ، وَأَعْظَمُ الْعُظَمَاءِ، يَا كَرِيمُ، قَالَ: ثُمَّ تَخِرُّ سَاجِدَةً, يُسْمَعُ وَجْبَةُ سُقُوطِهَا, فَلاَ تَزَلُ تَبْكِي وَتَدْعُو فِي سُجُودِهَا, حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ، وَكَانَ ذَلِكَ دَأْبَهَا ثَلاَثِينَ سَنَةً.

الصفحة 43