كتاب ذم الدنيا لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل
قَالَ: ثُمَّ انْتَهَيَا إِلَى وَادِي مَاءٍ، فَأَخَذَ عِيسَى بِيَدِ الرَّجُلِ فَمَشَيَا عَلَى الْمَاءِ، فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ: أَسْأَلُكَ بِالَّذِي أَرَاكَ هَذِهِ الآيَةَ، مَنْ أَخَذَ الرَّغِيفَ؟ قَالَ: لاَ أَدْرِي. قَالَ: فَانْتَهَيَا إِلَى مَفَازَةٍ فَجَلَسَا، فَأَخَذَ عِيسَى فَجَمَعَ تُرَابًا، أَوْ كَثِيبًا، ثُمَّ قَالَ: كُنْ ذَهَبًا بِإِذْنِ اللَّهِ، فَصَارَ ذَهَبًا، فَقَسَّمَهُ ثَلاَثَةَ أَثْلاَثٍ، فَقَالَ: ثُلُثٌ لِي، وَثُلُثٌ لَكَ، وَثُلُثٌ لِمَنْ أَخَذَ الرَّغِيفَ فَقَالَ: أَنَا أَخَذْتُ الرَّغِيفَ قَالَ: فَكُلُّهُ لَكَ، قَالَ: وَفَارَقَهُ عِيسَى، فَانْتَهَى إِلَيْهِ رَجُلاَنِ فِي الْمَفَازَةِ وَمَعَهُ الْمَالُ، فَأَرَادَا أَنْ يَأْخُذَاهُ مِنْهُ، وَيَقْتُلاَهُ، فَقَالَ: هُوَ بَيْنَنَا أَثْلاَثًا , قَالَ: فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ إِلَى الْقَرْيَةِ حَتَّى يَشْتَرِيَ طَعَامًا قَالَ: فَبَعَثُوا أَحَدَهُمْ. قَالَ: فَقَالَ الَّذِي بُعِثَ: لِأَيِّ شَيْءٍ أُقَاسِمُهُمَا هَذَا الْمَالَ؟ وَلَكِنِّي أَصْنَعُ فِي هَذَا الطَّعَامِ سُمًّا فَأَقْتُلُهُمَا. قَالَ: فَفَعَلَ. وَقَالَ ذَانِكَ: لِأَيِّ شَيْءٍ نَجْعَلُ لِهَذَا ثُلُثَ الْمَالِ؟ وَلَكِنْ إِذَا رَجَعَ إِلَيْنَا قَتَلْنَاهُ، وَاقْتَسَمْنَاهُ بَيْنَنَا قَالَ: فَلَمَّا رَجَعَ إِلَيْهِمَا قَتَلاَهُ، وَأَكَلاَ الطَّعَامَ، فَمَاتَا , قَالَ: فَبَقِيَ ذَلِكَ الْمَالُ فِي الْمَفَازَةِ، وَأُولَئِكَ الثَّلاَثَةُ قَتْلَى عِنْدَهُ وَفِي غَيْرِ حَدِيثِ إِسْحَاقَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: فَمَرَّ بِهِمْ عِيسَى عَلَى تِلْكَ الْحَالِ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: هَذِهِ الدُّنْيَا فَاحْذَرُوهَا.
178 - حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِأَصْحَابِهِ: إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ وَمَثَلُ الدُّنْيَا كَمَثَلِ قَوْمٍ سَلَكُوا مَفَازَةً غَبْرَاءَ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَدْرُوا مَا سَلَكُوا مِنْهَا أَكْثَرُ أَوْ مَا بَقِيَ، أَنْفَدُوا الزَّادَ، وَحَسَرُوا الظَّهْرَ، وَبَقُوا بَيْنَ ظَهْرَانَيِ الْمَفَازَةِ، لاَ زَادَ، وَلاَ حَمُولَةَ، فَأَيْقَنُوا بِالْهَلَكَةِ، فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إِذْ خَرَجَ عَلَيْهِمْ رَجُلٌ فِي حُلَّةٍ يَقْطُرُ رَأْسُهُ، فَقَالُوا: إِنَّ هَذَا قَرِيبُ عَهْدٍ بِرِيفٍ، وَمَا جَاءَهُمْ هَذَا إِلَّا مِنْ قَرِيبٍ ,
الصفحة 480