كتاب ذم الدنيا لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل
209 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ عَبَّادٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ هِلاَلٍ النَّصِيبِيُّ، قَالَ: مَكْتُوبٌ فِي صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ: يَا دُنْيَا مَا أَهْوَنَكِ عَلَى الأَبْرَارِ الَّذِينَ تَصَنَّعْتِ لَهُمْ، وَتَزَيَّنْتِ لَهُمْ إِنِّي قَدْ قَذَفْتُ فِي قُلُوبِهِمْ بُغْضَكِ وَالصُّدُودَ عَنْكِ، مَا خَلَقْتُ خَلْقًا أَهْوَنَ عَلَيَّ مِنْكِ، كُلُّ شَأْنِكِ صَغِيرٌ، وَإِلَى الْفَنَاءِ تَصِيرِينَ، قَضَيْتُ عَلَيْكِ يَوْمَ خَلَقْتُ الْخَلْقَ أَلَّا تَدُومِي لِأَحَدٍ، وَلاَ يَدُومُ لَكِ أَحَدٌ، وَإِنْ بَخِلَ بِكِ صَاحِبُكِ وَشَحَّ عَلَيْكِ، طُوبَى لِلأَبْرَارِ الَّذِينَ أَطْلَعُونِي مِنْ قُلُوبِهِمْ عَلَى الرِّضَا، وَأَطْلَعُونِي مِنْ ضَمِيرِهِمْ عَلَى الصِّدْقِ وَالِاسْتِقَامَةِ، طُوبَى لَهُمْ مَا لَهُمْ عِنْدِي مِنَ الْجَزَاءِ إِذَا وَفَدُوا إِلَيَّ مِنْ قُبُورِهِمْ إِلَّا النُّورُ يَسْعَى أَمَامَهُمْ، وَالْمَلاَئِكَةُ حَافُّونَ بِهِمْ حَتَّى أَبْلُغَ بِهِمْ مَا يَرْجُونَ مِنْ رَحْمَتِي.
210 - حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو الْعَبَّاسِ الْكِنْدِيُّ، قَالَ: أَهْدَيْتُ إِلَى صَدِيقٍ لِي سُكَّرًا، فَكَتَبَ إِلَيَّ: لاَ تَعُدْ وَدَعِ الْإِخَاءَ عَلَى حَالِهِ حَتَّى نَلْتَقِيَ وَلَيْسَ فِي الْقُلُوبِ شَيْءٌ. ثُمَّ كَتَبَ فِي أَسْفَلِ كِتَابِهِ: مَا طَالِبُ الدُّنْيَا مِنْ حَلاَلِهَا وَجَمِيلِهَا وَحَسَنِهَا عِنْدَ اللَّهِ بِالْمَحْمُودِ وَلاَ الْمَغْبُوطِ، فَكَيْفَ مَنْ طَلَبَهَا مِنْ أَيْدِي الْمَخْلُوقِينَ وَمَنْ قَذَّرَهَا وَنَكَّدَهَا بِالْعَارِ وَالْمَنْقَصَةِ.
211 - حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْخٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سُفْيَانَ الْحِمْيَرِيُّ، أَحْسَبُهُ عَنْ حُصَيْنٍ، قَالَ: جَاءَ عَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ الأَوْدِيُّ مِنْ مَسْجِدِ الْكُوفَةِ، وَقَدْ صَلَّى بِهِمُ الْعَتَمَةَ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى قَوْمِهِ وَجَدَهُمْ يَتَحَدَّثُونَ، فَقَالَ: فِيمَ كُنْتُمْ؟ قَالُوا: كُنَّا نَتَذَاكَرُ مَوْتَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَالْمُصِيبَةَ بِهِ، فَقَالَ: أَنْتُمْ تُرِيدُونَ بَقَاءَ الدُّنْيَا وَقَدْ أَبَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَّا فَنَاءَهَا، وَإِنَّمَا فَنَاءُ الدُّنْيَا بِذَهَابِ الصَّالِحِينَ.
الصفحة 490