كتاب ذم الدنيا لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل
232 - حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو تَوْبَةَ الرَّبِيعُ بن نافع، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو رَبِيعَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عَدِيِّ بْنِ عَدِيٍّ الْكِنْدِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: كَتَبَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ إِلَى بَعْضِ عُمَّالِهِ: أَمَّا بَعْدُ: فَكَأَنَّ الْعِبَادَ قَدْ عَادُوا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى، فَإِنَّهُ لاَ مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ، وَلاَ يُنَازَعُ فِي أَمْرِهِ، وَلاَ يُقَاطَعُ فِي حَقِّهِ الَّذِي اسْتَحْفَظَهُ عِبَادَهُ وَأَوْصَاهُمْ بِهِ، فَإِنِّي أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ، وَأَحُثُّكَ عَلَى الشُّكْرِ فِيمَا اصْطَنَعَ عِنْدَكَ مِنْ نِعَمِهِ، وَآتَاكَ مِنْ كَرَامَتِهِ، فَإِنَّ نِعَمَهُ يَمُدُّهَا شُكْرُهُ، وَيَقْطَعُهَا كُفْرُهُ , وَأَكْثِرْ ذِكْرَ الْمَوْتِ الَّذِي لاَ تَدْرِي مَتَى يَغْشَاكَ، فَلاَ مَنَاصَ وَلاَ فَوْتَ. وَأَكْثِرْ ذِكْرَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَشِدَّتَهُ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَدْعُوكَ إِلَى الزَّهَادَةِ فِيمَا زَهِدْتَ فِيهِ، وَالرَّغْبَةِ فِيمَا رَغِبْتَ فِيهِ. ثُمَّ كُنْ مِمَّا أُوتِيتَ مِنَ الدُّنْيَا عَلَى وَجَلٍ، فَإِنَّ مَنْ لاَ يَحْذَرُ ذَلِكَ وَلاَ يَتَخَوَّفُهُ، تُوشِكُ الصَّرْعَةُ أَنْ تُدْرِكَهُ فِي الْغَفْلَةِ. وَأَكْثِرِ النَّظَرَ فِي عَمَلِكَ فِي دُنْيَاكَ بِالَّذِي أُمِرْتَ بِهِ، ثُمَّ اقْتَصِرْ عَلَيْهِ، فَإِنَّ فِيهِ - لَعَمْرِي - شُغْلًا عَنْ دُنْيَاكَ، وَلَنْ تُدْرِكَ الْعِلْمَ حَتَّى تُؤْثِرَهُ عَلَى الْجَهْلِ، وَلاَ الْحَقَّ حَتَّى تَدْرَأَ الْبَاطِلَ. نَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكَ حُسْنَ مَعُونَتَهُ، وَأَنْ يَدْفَعَ عَنَّا وَعَنْكَ بِأَحْسَنِ دِفَاعِهِ بِرَحْمَتِهِ.
233 - حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ مَحْبُوبٍ، قَالَ حَدَّثَنَا الْفَيْضُ بْنُ إِسْحَاقَ أَبُو يَزِيدَ، قَالَ: أَخبرنَا فُضَيْلُ بْنُ عِيَاضٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ: نَزَلْنَا وَبَيْنَنَا وَبَيْنَ الْمَدَائِنِ فَرْسَخٌ، فَأَخَذَ أَبِي بِيَدِي، فَذَهَبَ بِي إِلَى الْجُمُعَةِ، فَإِذَا حُذَيْفَةُ يَخْطُبُ، فَقَالَ: أَلاَ إِنَّ السَّاعَةَ قَدِ اقْتَرَبَتْ، وَإِنَّ الْقَمَرَ قَدِ انْشَقَّ، وَإِنَّ الدُّنْيَا قَدْ آذَنَتْ بِفِرَاقٍ، وَإِنَّ الْمِضْمَارَ الْيَوْمَ وَغَدًا السِّبَاقَ. فَقُلْتُ: يَا أَبَهْ غَدًا يَسْتَبِقُ النَّاسُ؟ قَالَ: يَا بُنَيَّ مَا أَجْهَلَكَ إِنَّمَا يَعْنِي الْعَمَلَ. فَلَمَّا كَانَتِ الْجُمُعَةُ الثَّانِيَةُ قَالَ مِثْلَهَا، وَإِنَّ الْغَايَةَ النَّارُ. وَالسَّابِقُ مَنْ سَبَقَ إِلَى الْجَنَّةِ.
الصفحة 498