كتاب ذم الدنيا لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

314 - وَقَالَ بَعْضُ حُكَمَاءِ الشُّعَرَاءِ:
رَكَنَّا إِلَى الدَّارِ دَارِ الْغُرُورِ ... وَقَدْ سَحَرَتْنَا بِلَذَّاتِهَا
فَمَا نَرْعَوِي لِأَعَاجِيبِهَا ... وَلاَ لِتَصَرُّفِ حَالاَتِهَا
نُنَافِسُ فِيهَا وَأَيَّامُهَا ... تَرَدَّدُ فِينَا بِآفَاتِهَا
أَمَا يَتَفَكَّرُ أَحْيَاؤُهَا ... فَيَعْتَبِرُونَ بِأَمْوَاتِهَا.
315 - وَقَالَ رَجُلٌ مِنْ قُرَيْشٍ:
كُلُّ حَيٍّ وَإِنْ تَمَلَّى بِعَيْشٍ ... سَوْفَ يَحْدُوهُ بِالْفَنَا حَادِيَانِ
أَيْنَ أَهْلُ الْحِجَا بَنُو عَبْدِ شَمْسٍ ... وَالْبَهَالِيلُ مِنْ بَنِي مَرْوَانَ
وَالْغُيُوثُ اللُّيُوثُ فِي الْجَدْبِ ... وَالْحَرُْ إِذَا مَا تَقَارَبَ الزَّحْفَانِ
وَرِجَالٌ إِذَا اسْتَهَلُّوا عَلَى الْخَيْلِ ... فَجِنٌّ تَرَدَّى عَلَى عِقْبَانِ
وَضَعَ الدَّهْرُ فِيهِمُ شَفْرَتَيْهِ ... وَتَوَالَى عَلَيْهِمُ الْعَصْرَانِ
فَتَوَلَّوْا كَأَنَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا ... وَاللَّيَالِي يَلْعَبْنَ بِالْإِنْسَانِ
هَوِّنِ الْوَجْدَ إِنَّ كُلَّ الْوَرَى ... يَوْمًا عَلَيْهِ سَيَعْصِفُ الْمَلَوَانِ.
316 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ: قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: الزُّهْدُ فِي الدُّنْيَا لاَ يُقِيمُ الرَّجُلَ عَلَى رَاحَةٍ تَسْتَرِيحُ إِلَيْهَا نَفْسُهُ.
317 - حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ يَحْيَى، قَالَ: حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَارَةَ، قَالَ: كَانَ يُقَالُ: الْوَرَعُ يَبْلُغُ بِالْعَبْدِ إِلَى الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا، وَالزُّهْدُ يَبْلُغُ بِهِ حُبَّ اللَّهِ تَعَالَى.
318 - حَدَّثَنِي أَبُو زَيْدٍ النُّمَيْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو يَحْيَى الزُّهْرِيُّ، قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ الْعُمَرِيُّ عِنْدَ مَوْتِهِ: بِنِعْمَةِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ أُحَدِّثُ أَنِّي لَمْ أَصْبَحْ أَمْلِكُ عَلَى النَّاسِ إِلَّا سَبْعَةَ دَرَاهِمَ مِنْ لِحَاءِ شَجَرٍ فَتَلْتُهُ بِيَدَيَّ، وَبِنِعْمَةِ رَبِّي أُحَدِّثُ لَوْ أَنَّ الدُّنْيَا أَصْبَحَتْ تَحْتَ قَدَمَيَّ، لاَ يَمْنَعُنِي مِنْ أَخْذِهَا إِلَّا أَنْ أَزِيلَ قَدَمَيَّ عَنْهَا مَا أَزَلْتُهَا.

الصفحة 523