كتاب ذم الدنيا لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

344 - وَقَالَ:
عَجِبْتُ مِنَ الدُّنْيَا وَمِنْ حُبِّنَا لَهَا ... وَلَمْ تَزَلِ الدُّنْيَا تُعَرِّضُ لِلْبُغْضِ
لَهَوْتُ وَسَاعَاتُ النَّهَارِ حَثِيثَةٌ ... تَلَطَّفُ لِلْإِبْرَامِ مِنِّي وَلِلْنَقْضِ.
345 - وَقَالَ:
وَلِلدُّنْيَا مُنًى فَاحْذَرْ مُنَاهَا ... مُنَى الدُّنْيَا مَرَاتِعُهَا وَخِيمَهْ
دَعِ الدُّنْيَا لِرَاضِي الرَّتْعِ فِيهَا ... يَعِيشُ بِرَتْعِهِ عَيْشَ الْبَهِيمَهْ
وَمَا زَالَتْ صُرُوفُ الدَّهْرِ ... تَجْرِي فَمُقْلِقَةٌ وَمُقْعِدَةٌ مُقِيمَهْ
وَغِبُّ الصَّبْرِ عَافِيَةٌ وَرُوحٌ ... وَلَيْسَ الصَّبْرُ إِلَّا بِالْعَزِيمَهْ.
346 - حَدَّثَنِي أَبُو عُمَرَ الأَزْدِيُّ، قَالَ: نَظَرَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ إِلَى أَخِيهِ وَحِرْصِهِ عَلَى الدُّنْيَا، فَقَالَ لَهُ: أَيْ أَخِي أَنْتَ طَالِبٌ وَمَطْلُوبٌ، يَطْلُبُكَ مَنْ لاَ تَفُوتُهُ، وَتَطْلُبُ مَا قَدْ كُفِيتَهُ، فَكَأَنَّ مَا قَدْ غَابَ عَنْكَ قَدْ كُشِفَ لَكَ، وَمَا أَنْتَ فِيهِ قَدْ نُقِلْتَ عَنْهُ، أَيْ أَخِي كَأَنَّكَ لَمْ تَرَ حَرِيصًا مَحْرُومًا، وَلاَ زَاهِدًا مَرْزُوقًا.
347 - حَدَّثَنِي أَبُو عُمَرَ الأَزْدِيُّ، قَالَ: وَعَظَ رَجُلٌ مِنَ الْعَرَبِ ابْنًا لَهُ فَقَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ إِنَّ الدُّنْيَا تَسْعَى عَلَى مَنْ يَسْعَى لَهَا، وَيَسْعَى مَعَهَا، فَالْهَرَبُ مِنْهَا قَبْلَ الْعَطَبِ فِيهَا، فَقَدْ وَاللَّهِ آذَنَتْكَ بِبَيْنٍ، وَانْطَوَتْ لَكَ عَلَى حَيْنٍ.

الصفحة 529