كتاب ذم الدنيا لابن أبي الدنيا - ط أطلس الخضراء = مقابل

551 - حَدَّثَنِي صَالِحُ بْنُ مَالِكٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ النَّاجِي، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: ابْنَ آدَمَ لاَ تُعَلِّقْ قَلْبَكَ بِالدُّنْيَا فَتُعَلِّقَهُ بِشَرِّ مُعَلَّقٍ، قَطِّعَ حِبَالَهَا، وَغَلِّقَ أَبْوَابَهَا، حَسْبُكَ أَيُّهَا الْمَرْءُ مَا بَلَّغَكَ الْمَحَلَّ، حُمْقًا تُبَاهِي بِمَالِكَ، وَحُمْقًا تُبَاهِي بِوَلَدِكَ، وَأَنْتَ فِي غَمِّ السَّاعَةِ، هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ ذَهَبْتِ الدُّنْيَا لِحَالٍ، وَبَقِيَتِ الأَعْمَالُ قَلاَئِدَ فِي أَعْنَاقِ بَنِي آدَمَ
552 - قَالَ بَعْضُ حُكَمَاءِ الشُّعَرَاءِ:
أَبِالْمَنْزِلِ الْفَانِي تُؤَمِّلُ أَنْ تَبْقَى ... كَفَاكَ بِمَا تَرْجُو وَتَأْمَلُهُ خُرْقًا
رَأَيْتُ قُوَى الدُّنْيَا يَزِيدُ انْتِقَاصُهَا ... وَيَدْعُو إِلَيْهِ صَفْوُ لَذَّاتِهَا الرَّنْقَا
وَفِي كُلِّ يَوْمٍ مُحْدِثٍ، لَكَ فُرْقَةٌ ... تَرَى خَطْبَهَا خَطْبًا جَلِيلًا وَإِنْ دَقَّا
لَعَمْرُكَ مَا الدُّنْيَا بِبَاقِيَةٍ ... وَلاَ بِهَا أَحَدٌ يَبْقَى فَتَطْمَعَ أَنْ تَبْقَى.
553 - وَقَالَ حَكِيمٌ مِنَ الشُّعَرَاءِ:
بَانَ مِنْهُ الشَّبَابُ فَهْوَ كَئِيبُ ... وَعَلاَ الْعَارِضَيْنِ مِنْهُ مَشِيبُ
لَيْتَ شِعْرِي مَاذَا أُرَجِّي مِنَ الدُّنْيَا ... وَلَمْ يَبْقَ لِي عَلَيْهَا حَبِيبُ
أَفْرَدَتْنِي الْخُطُوبُ مِنْ أَهْلِ وُدِّي ... حَسْرَتِي مَا تُرِيدُ مِنِّي الْخُطُوبُ
كُلُّ يَوْمٍ لِي مِنْ خَلِيلٍ فِرَاقٌ ... أَيُّ عَيْشٍ مَعَ الْفِرَاقِ يَطِيبُ.
554 - حَدَّثَنِي أَبُو مُحَمَّدٍ التَّمِيمِيُّ، قَالَ: قَالَ ابْنُ السَّمَّاكِ: كَأَنَّ الْمَعْمُورَ مِنْ هَذِهِ الدُّنْيَا قَدِ ارْتَحَلَ، وَكَأَنَّ الْمَغْفُولَ مِنَ الْآخِرَةِ قَدْ أَنَاخَ بِأَهْلِهِ، فَثَمَّ فَضَعِ الْهُمُومَ.
555 - حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، حَدَّثَنَا أَبُو مُسْهِرٍ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، أَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلاَمُ نَظَرَ إِلَى إِبْلِيسَ فَقَالَ: هَذَا أُرْكُونُ الدُّنْيَا، إِلَيْهَا خَرَجَ، وَإِيَّاهَا سَأَلَ، لاَ أُشْرِكُهُ فِي شَيْءٍ مِنْهَا، وَلاَ حَجَرًا أَضَعُهُ تَحْتَ رَأْسِي، وَلاَ أُكْثِرُ فِيهَا ضَاحِكًا حَتَّى أَخْرُجَ مِنْهَا.

الصفحة 580